التقرير الشهري – یولیو 2023: عقوبة اللواتي التي ينزعن الحجاب الإجباري

تصعيد في عقوبة اللواتي التي يتحدين وينزعن الحجاب الإجباري

تصعيد في عقوبة اللواتي التي يتحدين وينزعن الحجاب الإجباري

رأينا في شهر يوليو عودة دورية الإرشاد المرعبة وقد كان ذلك بدون شعار؛ ونقاشات محتدمة حول تمرير قانون العفة والحجاب، ويركز التقرير الشهري لـ لجنة المرأة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية على هاتين المسألتين ويبحث في الأسباب الكامنة وردود الأفعال على هذه الإجراءات.

ومن أجل وضع كل شيء في السياق الصحيح يجب أن نعرف أن هذه الإجراءات هي الملاذ الأخير لنظام يحتضر بعد انتفاضة 2022،  ونشرح الأسباب في كل قسم من التقرير أدناه.

تجربة المرحلة الأخيرة لقمع النساء

بدء ملاحقة النساء بعد عطلة نوروز

لم تتألق دورية الإرشاد في الشوارع لفترة طويلة بعد مقتل مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 الذي أشعل شرارة الجولة الأخيرة من الانتفاضة الوطنية الإيرانية، لكن نظام الملالي استمر في قمع النساء والفتيات بطرق مختلفة من بينها تسميم طالبات المدارس، ذلك لأن دكتاتورية الملالي لا يمكن لها أن تستمر في سلطتها ليوم واحد بدون قمع، وخاصة قمع النساء والفتيات.

في الحقيقة أن خلع الحجاب الإجباري هو شكل من أشكال التحدي والمعارضة التي تستهزئ بسلطة النظام، والملالي يعرفون ذلك جيداً.

بعدها أعلن أحمد رضا رادان قائد قوات الشرطة في 15 أبريل أن النظام سيزيد من مساعيه لقمع الاختيار الحر للنساء، وهم الذين ابتاعوا تقنية التعرف على الوجه من الصين، وأحدثوا ضجة كبيرة حول تشخيص النساء ووضع كاميرات الدوائر التلفزيونية المدارية المغلقة ومصادرة بطاقات الهوية الوطنية، و…

وصدرت أوامر للبنوك والمستشفيات ومحطات مترو الأنفاق والمطارات والمسارح ودور السينما وغيرها من أماكن الخدمات العامة بالإمتناع عن تأمين الخدمات للنساء اللواتي لا يغطين شعرهن، كما أمروا جميع أصحاب العمل وأصحاب الشركات بأن يأمروا موظفاتهم بتغطية شعرهن وإلا سيتم إغلاق شركاتهم ومحلاتهم.

كما أغلقت الشرطة مئات المطاعم والمتاجر والمكتبات والحدائق والشركات الناشئة والمواقع السياحية في جميع أنحاء الدولة وذلك بسبب  النساء اللواتي يقدمن الخدمات بدون حجاب.

وحُرِم الطلاب من مواصلة دراستهم وطُرِدوا من الجامعة.

عاقبت السلطة القضائية النساء بغرامات ثقيلة وبالسجن والجلد والفصل من العمل وحرمانهن من مختلف الخدمات ومن بينها الإنترنت، حتى أنهم أصدروا أحكاما مهينة وأدانوا العاصين والممثلين السينمائيين وحكموا عليهم بأداء خدمات تنظيف وغسل الموتى في المشرحة ومراجعة طبيب نفساني لمدة 6 أشهر للعلاج من “الاضطراب العقلي”.

الإحصاءات الرسمية للعقوبات المفروضة على النساء المعارضات للحجاب الإجباري

أعلن المتحدث باسم قوات الشرطة في 14 يونيو 2023 أنه ، قوات الشرطة أرسلت منذ 15 أبريل 2023 ما يقرب من مليون و (991176) رسالة نصية مع مضمون تحذيري للنساء اللواتي شوهدن بدون حجاب في سياراتهن، كما تم إرسال 133174 رسالة نصية متضمنة أمر ضبط آلي إلى المخالفين للمرة الثانية الذين توقفت سياراتهم لفترة معينة، وفي نفس الفترة تم حجز ألفي سيارة، وإحالة أكثر من 4000 قضية للمجرمين على المراكز القضائية.

وأضاف المتحدث باسم قوات الشرطة أنه تم حتى الآن تلقي 108.211 بلاغاً عن تجاوزات في أماكن ومحلات تجارية وأسواق وغيرها، وتم تشخيص 301 مخالفاً وتقديمهم إلى النظام القضائي. (موقع خبر فوري 14 يونيو 2023).

وأعلن المتحدث باسم سلطة النظام القضائية أنه تم رفع 2251 قضية في الأشهر الأربعة الأولى من العام ضد نساء بسبب نزع الحجاب، وقال مسعود ستايشي ردا على وكالة أنباء فارس الحكومية: من إجمالي قضايا الحجاب والعفة 825 قضية انتهت بإدانة.

قال ستايشي لوكالة فارس: وفقاً للمادة 638 من قانون العقوبات الإسلامي، فإن الأشخاص الذين بادروا بنزع الحجاب (خلع الحجاب) سيقدمون مباشرة إلى المحكمة وللمرة الأولى سيُحكم عليهن بدفع غرامة قدرها 15 مليون ريال إيراني، وللمرة الثانية بالإضافة إلى الغرامة المالية النقدية تفرض عقوبات إضافية أيضاً، ويُحكم على المتهمين المشهورين ما يُطلق عليهم بالمشاهير بعقوبات إضافية مناسبة والتي تم الإبلاغ عنها أيضاً للجمهور في وسائل الإعلام. (وكالة الأنباء الحكومية فارس 2 أغسطس 2023).

وبحسب تقرير وكالة الأنباء الرسمية ايرنا 15 يوليو 2023 فقد بدأ مكتب الادعاء العام والثورة بقزوين بحق  173 قضية قضائية ضد النساء منذ بدأ تطبيق قانون العفة والحجاب، وقد تم التعرف على هوية 50 من هؤلاء النساء وجاري التعرف على حالات أخرى.

هذا ويستخدم نظام الملالي تقنية التعرف على الوجه من أجل تشخيص النساء اللواتي لا يلتزمن بمتطلبات رداء النساء.

من جهة أخرى أعلن مدعي عام محافظة قزوين في بيان عن صور لـ 123 حالة نزع حجاب بواسطة أنظمة ذكية وتقارير شعبية على مستوى الطرق العامة بمحافظة قزوين ووثائق التوثيق الباقية مثل الصور المأخوذة من كاميرات على مستوى المدينة أو الصور المرسلة من قبل الناس وهي تحت تصرف منظمة استخبارات الحرس والتي بعد التشخيص سيتم الإعلان عن نتيجتها وسيتم رفع دعوى قضائية للاستدعاء والملاحقة الجنائية . (وكالة الأنباء الحكومية إيلنا 2 أغسطس 2023).

تواجه النساء عقوبات قاسية بسبب تحديهن الحجاب الإجباري

واجهت النساء الإيرانيات عقوبات قاسية ومهينة من بينها في ذلك الطرد من العمل وغسل الجثث في المشرحة والقيام بأعمال التنظيف  بسبب عدم الإلتزام بقوانين الرداء الإجباري.

حُكم على امرأة بالسجن لمدة شهرين في 10 يوليو 2023 لعدم ارتدائها الحجاب الإجباري في الأماكن العامة من قبل الشعبة الـ 1088 بمحكمة جنايات محافظة طهران، ومُنِعت بالإضافة إلى ذلك من الخروج لمدة عامين، كما يجب عليها مراجعة طبيب نفسي كل أسبوع لمدة ستة أشهر حتى يعالج من مرض ” الشخصية المعادية للمجتمع” حتى تتعالج وتحصل على شهادة سلامتها العقلية.

أثناء ارتداء الحجاب أثناء قيادة السيارة، حُكِم على إمرأة لمدة شهر بغسل الموتى في مغسلة طهران من قبل الشعبة 104 محكمة جنايات ورامين ودفع غرامة مالية بدلاً من السجن وذلك بسبب عدم التزامها بالحجاب أثناء القيادة. (صحيفة هم ميهن الحكومية – 13 يوليو 2023)، كما حُكِم عليها بدفع غرامة مالية نقدية قدرها 31 مليون ريال بدلاً من السجن التنفيذي لمدة شهرين.

هذا وأُعلِن في 12 يوليو 2023 عن فصل شابة من وظيفتها لعدم التزامها بالحجاب الإجباري أثناء قيادة سيارتها وحُكِم عليه بأداء خدمات التنظيف كعقوبة لمدة شهر.

حكمت محكمةٌ في طهران يوم 29 مايو 2023 على امرأة بـ 270 ساعة من خدمات التنظيف المجانية في مبنى وزارة الداخلية ومجمعاتها الفرعية بسبب عدم التزامها بالحجاب.

إضافة إلى ذلك نشرت وكالة أنباء رويترز صوراً في 15 يوليو 2023 تُظهر امرأة في منطقة كيشا بطهران بعدما تعرضت للهجوم من طرف شرطة دورية إرشاد وتحاول ضابطة رميها بعنف إلى داخل المركبة وهي تصرخ طلباً للمساعدة.

صورة رويترز

في الوقت ذاته يتواصل اعتقال وسجن النساء بسبب تحدي الحجاب الإجباري ومن بينهنليلا ضيافر مذيعة راديو سابقة والتي اُعتُقلت بشكل عنيف في يوم 19 يوليو 2023 لأنها كانت قد نشرت تغريدة أثناء تنقلها بدون حجاب في مترو الأنفاق، وكتبت في هذه التغريدة: “من المستحيل العودة عن الطريق الذي سلكناه، لقد قدمنا ​​شهداء من أجل نزع هذا الحجاب وهذا السبي، ولن ندع دماء شهدائنا تُداس.”

اعتقلت دورية إرشاد بندر عباس يوم 20 يوليو 2023 الساعة 5:30 صباحاً بعض الرياضيات اللواتي كن يركضن على الشاطئ، وكتبت إحدى هؤلاء الرياضيات في إحدى المنشورات: “في الصباح عندما نذهب للركض في الشارع الساحلي توجد كل أنواع الحشود؛ لا يزال بعضهم لم يجمعوا موائد استراحتهم من الليلة السابقة، وما زال بعضهم في حالة خدر من الليلة السابقة وهم يعبرون من أمامنا مسرعين   بسياراتهم، ويأتي البعض على الرصيف بالدراجات النارية، ويبحث عدد من مدمني الشوارع عن قطعة خبز في مكبات القمامة الكبيرة بالشارع، وأحدهم على الجانب ألاخر يترنح من شدة نشوة المخدر تكاد رأسه تصل إلى الأرض، والبعض يروج لثقافة الرياضة، و”شرطتنا تعتقل الرياضيين.”

إخطار المستشفيات والأماكن السياحية والمتاحف

وأبلغت بعض الوزارات الوكالات التي تحت أمرها بمنع دخول النساء اللواتي بدون حجاب.

أصدر برهام جانفاشان المدير العام للتراث الثقافي والسياحي والصناعات اليدوية في محافظة طهران إخطاراً يوم 30 يوليو 2023 يطالب فيه جميع المرافق السياحية بالامتثال لـ لائحة قانون ديوان العفة والحجاب، وقد جاء في هذا التعميم ما يلي: “نظرا لأهمية ومسألة مراعاة الحجاب والشعائر الإسلامية ، ومراعاة واجبات الأجهزة التنفيذية مستشهدا بقرار ديوان العفة والحجاب بوزارة الداخلية بشأن اتخاذ الإجراءات الحاسمة بشأن جريمة نزع الحجاب، وأن يراعوا الاهتمام بهذا الأمر.” (موقع جماران الحكومي 4 أغسطس 2023)

قبل ذلك وفي تعميم مؤرخ في 24 أبريل 2023 طلب مرتضى أديب زاده المدير العام للمتاحف والمجموعات الثقافية التاريخية من الموظفين تحت إشرافه بالالتزام بالحجاب وجعل تقديم خدماتهم استناداً إلى مراعاة قوانين الحجاب.

كما صدرت أوامر لجميع المتاحف “من تاريخ الإخطار بهذا التعميم يحظر دخول وحضور الأشخاص دون مراعاة الحجاب الإسلامي في المتاحف والمجموعات التي تغطيها هذه الوزارة.” (وكالة أنباء مهر الحكومية 24 أبريل 2023)

أفادت وسائل إعلام حكومية يوم 29 يوليو 2023 أن محمد تقي نجف زاده مدير شبكة لاهيجان للصحة والعلاج أبلغ رؤساء المستشفيات بهذه المدينة في رسالة أن “تقديم الخدمات الطبية مرهون بمراعاة الحجاب في القطاعين الخاص والحكومي” وأن على المستشفيات والمراكز الصحية تنفيذ تعليمات هذا الديوان.”

ولم يحدد نجف زاده ما يجب على المراكز الطبية فعله في حالة الطوارئ.

لافتة معلقة في مداخل أحد مستشفيات لاهيجان

وآخر الأخبار هي أن بلدية طهران وظفت 400 شخص ليتمركزوا في محطات المترو يُقال لهن “المحجبات” براتب شهري قدره 12 مليون تومان ومكلفات بتحذير الركاب الذين يتنقلون بدون حجاب ومنعهم من ركوب عربات مترو الأنفاق، كما سيسلمن النساء اللواتي يرتدين حجاب غير لائق أو بدون حجاب إلى الشرطة.

تنفق بلدية طهران 5 مليارات تومان شهرياً لمنع نزع الحجاب بينما أثار ويثير الأسطول المتهالك من وسائل النقل العام ومرافق المدينة الأخرى استياءا واسعاً. (موقع رويداد 24 الحكومي 6 أغسطس 2023)

سبب تقديمها خدمات لنساء بلا حجاب تم تعليق الخدمات العامة واعتقال مديريها

كما ذكرنا أعلاه، فقد أغلقت قوات الشرطة مئات المحال التجارية بسبب تقديمها خدمات للنساء اللواتي يتحدن الحجاب الإجباري، كما اعتقلوا مديري وأصحاب العديد من هذه الفرص التجارية، وإليكم بعض الأمثلة:

أعلن مدعي عام مدينة دماوند والثورة عن توقيف مدير وأحد موظفي أحد البنوك في دماوند لتقديمهما خدمات لسيدة بدون حجاب، وقال مرتضى طهماسبي إنه تم تشكيل دعوى قضائية لهذين الشخصين وصدر أمر قضائي “بملاحقة وتشخيص” المرأة التي راجعت إلى البنك. (صحيفة انتخاب الحكومية 26 يوليو 2023)

موظفي الشركة الذين تم إيقافهم بسبب هذه الصورة

شكلت سلطة النظام القضائية دعوى قضائية ضد موظفات في أحد إدارات أكبر متجر إلكتروني في إيران “ديجي كالا” اللواتي لم يلتزمن بالحجاب الإجباري، وجاء هذا الإجراء بعد نشر صور لهؤلاء الموظفات في الفضاء الإفتراضي والتي أظهرت عدم التزامهن بالحجاب الإجباري في محيط العمل. (وكالة أنباء السلطة القضائية، ميزان 22 يوليو 2023)

بعد نشر صور لموظفي شركة طاقجه في الفضاء الإفتراضي تم تشكيل دعوى قضائية ضد نساء ظهرن في محيط العمل بدون الحجاب الإجباري. (وكالة الأنباء الحكومية فارس 26 يوليو 2023)، و طاقجه هي منصة إلكترونية توفر الكُتب الصوتية والإلكترونية لزبائنها.

عادت ديجي كالا، وازكى وطاقجه إلى العمل بعد توقيف دام أسبوعين بسبب الإنتقادات وحالة الغضب العام.

صورة موظفي شركة طاقچه التي نُشِرت على شبكة التواصل الإجتماعي

تم إغلاق مشروع تم إغلاق استارت آپ ربوكيدز من 3 أغسطس 2023 وحتى إشعار آخر لأن بعض النساء في هذا المتنزه الترفيهية لم يرتدين الحجاب. (صحيفة آرمان ملي الحكومة 4 أغسطس 2023).

كما تم إغلاق مدرسة فنية ثلاثية الأبعاد في طهران أيضا في 25 يوليو 2023 بسبب عدم مراعاة الحجاب الإجباري.

عودة دورية الإرشاد أو ( الشرطة الأخلاقية)

وعلى هذا النحو، لم تتمكن أي من الإجراءات أعلاه من إجبار النساء على الامتثال لقانون الرداء الإجباري، لذلك أعلن المتحدث الرسمي باسم قوى الشرطة يوم 16 يوليو 2023 عن عودة دورية الإرشاد لمطاردة النساء اللائي يظهرن في الأماكن العامة بدون حجاب.

وقال سعيد منتظر المهدي الناطق الرسمي باسم قوى الشرطة: “من هذا اليوم مع تسيير دوريات بالسيارات ودوريات راجلة في جميع أنحاء الدولة لمطاردة أولئك الذين للأسف بغض النظر عن عواقب ارتدائهم ملابس خارجة عن الأعراف ويواصلون الإصرار على ذلك”، وعند خرقهم للتعليمات وعدم الإمتثال ستتخذ الشرطة الإجراءات القانونية وتحيلهم إلى الجهاز القضائي.

وقال منتظر المهدي: إن هذا العمل “من أجل بسط ونشر الأمن العام وتعزيز أسس الأسرة” وسيكون مصحوبا بإنذار وتحذير. (وكالة أنباء مهر الحكومية 16 يوليو 2023)

ومن جهتها قالت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية بهذا الصدد: “إن إعادة تفعيل دوريات القمع والترهيب والقتل تُظهِر رعب نظام الملالي من تصاعد انتفاضة الشعب بطليعة نسائية، ويجب على الحكام المجرمين المتسلطين على إيران أن يعلموا أنه لا دوريات ولا أعمال قمعية يمكن أن تُطفىء انتفاضة ومقاومة الشعب؛ الأمة التي نهضت تقاوم ضد هذا النظام لمدة 42 عاماً سوف لن يمضي وقتا طويلا حتى تطوى نهاية صفحات خزي نظام الجريمة والإكراه، لن يتمكن أحد  أن يعيد إلى البيوت فتيات ونساء إيران الشجعان اللواتي قدمون آلاف الشهداء من أجل الحرية في العقود الأربعة الماضية!”

ورداً على غضب الشعب من عودة دوريات الإرشاد أوضح مسؤولو قوى الشرطة فيما بعد أن الشرطة تراقب الأعراف الاجتماعية ولن تعود أي سيارة إلى الشوارع وقد كُتِب عليها دوريات الإرشاد وعوضاً عن ذلك تم نشر شاحنات بيضاء كبيرة في الشوارع لتنقل معها النساء اللواتي أصررن على تحدي قانون الحجاب الإجباري.

وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية السيدة أغنيس كالامارد بهذا الصدد: “عادت دورية الإرشاد في إيران، والسلطات لا تخدع أحداً بإزالة شعار دورية الإرشاد من الزي الخاص بها وعن عربات دورية الإرشاد، ومنفذي قمع الجمهورية الإسلامية من أجل إخضاع النساء والفتيات من أجل ارتكاب نفس العنف الذي قتل مهسا جينا أميني دون عقاب .. يجرؤون اليوم على تكثيف القمع من خلال تقنيات المراقبة الجماعية القادرة على تشخيص النساء سيئة الحجاب في السيارات وعلى الفضاء الإفتراضي وعلى أرصفة الشوارع.”

مقاومة شعب ونساء إيران الشجعان في مواجهة عودة دوريات الإرشاد

صاحب اليوم الأول لعودة دوريات الإرشاد ردود فعل غاضبة من الشعب.

اشتعلت الأجواء ليلة الأحد 16 يوليو 2023 عقب قيام عناصر باعتقال ثلاث نساء حرائر في ساحة بلدية رشت، وأدى إلى اشتباك مع عناصر وأفراد يرتدون ملابس مدنية، وهتف المواطنون في هذه التظاهرة بشعار “الموت لخامنئي“، وحاول الأشخاص ذوي الزي المدني في تفريق الحشد بالغاز المسيل للدموع.

وفي اليوم ذاته أعلن رئيس مركز الإعلام التابع لقيادة شرطة أصفهان عن الهجوم على شخصين”من جماعة الأمر بالمعروف”. (موقع حكومة بارس فارس الحكومي 16 يوليو 2023)

اعتقلت قوى الشرطة يوم 18 يوليو 2023 في كنبدكاوس بعنف امرأة كانت قد بدأت بالإحتجاج علناً على الحجاب الإجباري في أحد ساحات المدينة وأهانت زعيم الملالي.

لكن لم نشهد في الأيام التالية احتجاجات واسعة النطاق بعد تراجع الشرطة عن الهجوم على النساء، وقد اكتفت قوى الشرطة التي أدركت أن المرأة الإيرانية لا تخشى الصمود والثبات والتظاهر ضدهم والدفاع عن حقها في حرية ارتداء الملابس؛ اكتفت بالتقاط مقاطع فيديو لنساء مارات لا يرتدين حجاب.

وعوضاً عن ذلك واصلت دوريات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعناصر الباسيج وعناصر بالزي المدني في مضايقة وأذية النساء  مما أدى في كثير من الأحيان إلى اشتباكات عنيفة واعتقالات، وهناك مثالان مؤخرات على ذلك:

فيحديقة نارنجستان قوام بمدينة شيراز هاجم رجل وامرأة على امرأة من جماعة “الأمر بالمعروف” كانت قد حذرت تلك السيدة، واعتقلت قوى الشرطة المهاجمين ومدير نارنجستان وشكلت دعاوى قضائية ضدهم. (صحيفة همشهري الحكومية 1 أغسطس 2023) وتم سجن أحد المهاجمين. (وكالة الأنباء الحكومية ايلنا 1 أغسطس 2023).

أعلن قائد شرطة مخابرات وأمن عام همدان عن اعتقال خمسة أشخاص في منطقة سبدبافان بهذه المدينة في يوم 30 يوليو 2023 بتهمة التعرض لامرأة كانت قد أبلغت شابة بتغطية شعرها، وذهب أربعة شبان لمساعدة تلك الشابة لمواجهة المرأة الآمرة بالمعروف. (وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية ايرنا 2 أغسطس 2023).

من المسؤول عن إعادة دورية الإرشاد؟

أثار استئناف دوريات الإرشاد، والآمرين بالمعروف والعناصر من ذوي الملابس المدنية الذين من واجبهم التعامل الجسدي في الشوارع مع المخالفين أي اعتقالهم واقتيادهم الكثير من الانتقادات حتى في أوساط النظام الداخلية.

حتى رئيس جمهورية الملالي إبراهيم رئيسي والسلطة القضائية أيضا نفوا دورهم في عودة دوريات الإرشاد على الرغم من التأكيد الأولي لقوى الشرطة على أن رئيسي والسلطة القضائية أمروا بتطبيق الخطة.

ومع ذلك يعرف الشعب الإيراني أيضاً أن رئيسي هو الذي أمر السنة الماضية بتصعيد العنف ضد النساء في الشوارع مما أدى لاحقاً إلى مقتل مهسا أميني، وهذه السنة على الرغم من أي ادعاء من طرف المسؤولين الحكوميين يعلم الجميع أن قوى الشرطة جزء من وزارة الداخلية والتي هي نفسها جزء من حكومة رئيسي.

لكن عمليات النفي والتراجعات هذه أصبحت مزحة بين الناس وأصبحت عناوين الصحف ووسائل الإعلام التي تطالب بتشخيص المتسببين في  عودة دوريات الإرشاد، وعلى هذا النحو يجب اعتبار أن عمليات النفي والتراجعات دليلاً آخر على ضعف النظام.

قال أحد أعضاء لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس الملالي ويدعى جليل رحيمي جهان آبادي يوم 23 يوليو 2023 في مقابلة له: “حقيقة عدم استعداد أحد لتحمل مسؤولية دورية الإرشاد تُظهر أن هذه السياسة غير صحيحة ذلك لأنها ستدعم السياسة الصحيحة، لكن الآن  لا الحكومة ولا السلطة القضائية ولا الشرطة ولا غيرهم على استعداد لتقبل ذلك وهذا يعني أن دورية الإرشاد ليس لها أساس عقلاني.”

وأكد الأنباء المتعلقة بالانتشار الواسع في الشوارع لقوى الشرطة ومركباتها، وقال: “توجهت مع عائلتي يوم السبت 23 يوليو 2023  إلى أحد الساحات في المدينة، وكان هناك تواجد كبير لقوى وسيارات الشرطة الأمر الذي أحدث معاناة في حركة مرور الناس والسيارات.” (صحيفة ستاره صبح الحكومية 24 يوليو 2023)

النقاد يحذرون من انتفاضات وشيكة الحدوث

ويخشى الأشخاص الذين ينتقدون عودة دوريات الإرشاد من احتمال اندلاع انتفاضات تنتظر شرارة أخرى.

وحول عودة دورية إرشاد قال معين الدين سعيدي عضو مجلس النظام عن جابهار: “لقد تركنا سبتمبر 2022 وتلك الأحداث وراء ظهورنا وإنه لتصرف عجيب جدا، ويعتقد العديد من الخبراء القانونيين أيضاً أن دورية الإرشاد ليست لديها المعايير الحقوقية والقانونية اللازمة،  وسيكون لإعادة تطبيق دورية الإرشاد آثارٌ لا يمكن إصلاحها.”

وأضاف: “كلما كانت الحساسيات تجاه الحجاب وشعر الفتيات أكثر من حساسياتنا تجاه موضوع الاختلاس وعمالة الأطفال والأضرار الاجتماعية والبحث في القمامة وما إلى ذلك، عندها تأكدوا من أننا قد سلكنا طريق العدالة بالخطأ، وفي ظل الظروف التي يعاني فيها الناس من مشاكل اقتصادية يتوقع الناس الانتباه إلى مجالات المعيشة واحتواء التضخم.” (موقع دنيا الاقتصاد الحكومي 16 يوليو 2023)

حذر تقي آزاد ارمكي أستاذ علم الاجتماع بجامعة طهران من خطر مقاومة الشعب والنساء لهذا الإجراء وقال: “إذا كان للعنف السابق بشأن موضوع دورية الإرشاد جانب واحد، فإن المجتمع اليوم في خطر من ظهور عُنفِ ثنائي الجانب، واليوم تطور وضعٌ بحيث يأخذ فيه العنف عدة أبعاد محتملة، وهذا هو الصراع الذي نشأ بين المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية. (صحيفة اعتماد الحكومية 17 يوليو 2023)

وفي هذا الصدد قال آذر منصوري رئيس ما يسمى بجبهة الإصلاح: “الفجوة في سيادة الأمة لم يتم إصلاحها فحسب بل تتزايد، وكم روح  مهسا أخرى يجب أن تُمنح حتى يقبل فاعلي وحملة هذا الدفاع السيئ بأن للإصرار على هذا الإجراء سيكون له نتائج معاكسة، ويجب ألا يواجه بهكذا مواجهة مجتمعاً قابلا للالتهابات”. (صحيفة اعتماد الحكومية 17 يوليو 2023)

وقال حسين علايي أحد القادة السابقين في الحرس: “إن نشاط دورية الإرشاد لعدة سنوات لم يقلل من معدل سوء الحجاب في المجتمع فحسب  بل تسبب أيضاً في رد فعل قوي وانتشار الحجاب المحدود بين بعض السيدات.” (صحيفة ستاره صبح الحكومية  17 يوليو 2023) ولا تزال تتواصل هكذا انتقادات حتى يومنا هذا.

دوريات الإرشاد المتمركزة في أطراف مداخل مركزٍ للتسوق

لائحة العفة والحجاب

هل نزع الحجاب جريمة أم انتهاك؟

قال النائب الحقوقي للسلطة القضائية في مؤتمر صحفي في 24 مايو 2023: إن الجهات القضائية اتفقت على اعتبار موضوع الحجاب “انتهاك”، وقال بهزاد بور سيدي: “كان الإجماع على أن نفرق بين كل من يرتكبون نزع الحجاب فدوافع الناس ليست واحدة، ولا نعمل على  القيام بمواجهة جسدية شرطية وقضائية، كما أعطينا في هذا القانون الأولوية للدوائر الحكومية وأن نميز بين الجريمة والانتهاك وعدم النظر إلى الموضوع فقط من منظور الجريمة التي تتعلق بالقضاء، ولا نذهب في النهاية نحو تشكيل دعوى قضائية الأمر الذي يؤدي إلى خلق سجلات سيئة للأشخاص.” (وكالة أنباء مهر الحكومية 1أغسطس 2023)

نشرت وسائل الإعلام الحكومية يوم 24 مايو 2023  نص قانون “حماية الحجاب والعفة” في 15 مادة، وكان هذا مشروع قانون اُقتُرِح من طرف السلطة القضائية القضاء وكان قد أُحيلَ إلى حكومة رئيسي.

ثم أحالت الحكومة مشروع قانون “حماية العفة والحجاب” في 8 يونيو 2023 بعد إدخال تغييرات طفيفة على اللائحة إلى المجلس للموافقة عليه بموجب فترتين عاجلتين، لكن المجلس رأى مشاكل في هذا القانون تُعالج فقط بدفع الغرامات، لذلك قام بإحالة اللائحة إلى اللجنة الحقوقية في المجلس للنظر فيها، وفي 27 يوليو 2023 نشرت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية نص مشروع القانون الذي انتهت منه لجان المجلس في 70 مادة، وفي 6 أغسطس 2023 أعلن المجلس استلام مشروع قانون بعنوان “قانون حماية الأسرة من خلال نشر ثقافة العفة والحجاب”.

نساء في معرض بطهران

ما هي لائحة العفة والحجاب؟

تحكم السلطة القضائية بالوقت الحاضر على النساء اللواتي ينزعن الحجاب بالحبس التنفيذي ثلاثة أشهر وغرامة 10 ملايين تومان والجلد حتى 10 جلدات.

واستنادا للقانون الجديد فإن النساء التي ترتدي حجاباً غير لائق (أي التي تُظهِر خصلات شعرها وهو تعرٍ جزئي) سيتم تغريمهن بـ 2 مليون تومان، وسيتم تغريم الأشخاص الذين يخلعون الحجاب بالكامل وهو (المعرف بـ العُري الكامل) بغرامة قدرها 24 مليون تومان، ويمكن أن تصل غرامة نزع الحجاب إلى 150 مليون تومان، ولإظهار أجزاء الجسم (أي ارتداء قمصان بلا أكمام أو قمصان قصيرة الأكمام) تصل الغرامة إلى 280 مليون تومان والسجن.

يتم خصم مبلغ الغرامة تلقائياً من الحساب المصرفي للمخالف وإيداعه في خزينة الدولة، كما يسمح لقوة الشرطة بمصادرة سيارة المخالف.

ولا تقتصر هذه اللائحة على مواد تتعلق بمعاقبة النساء اللائي يتحدين قوانين الحجاب الإجباري بل يشمل تأثيرها أيضاً نظام التوظيف في الدولة  وأحكام الخدمات القانونية والثقافية والطبية والتعليمية والترفيهية وسائر الخدمات في القطاعين العام والخاص.

ووصف جاويد رحمن الممثل الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران تصرفات النظام ضد النساء الإيرانيات بـ “الفصل العنصري بين الجنسين”.

يقول بعض النقاد إنه بموجب هذه اللائحة القانونية سيتم اعتبار غالبية الناس “مُنتهكين” وستحدث توترات سياسية واجتماعية جديدة. (موقع عصر إيران الحكومي 30 يوليو 2023).

يقول منتقدون آخرون إن مشروع اللائحة القانونية مصمم لتمويل عجز ميزانية الحكومة لأنه يشرع ابتزاز عائدات الأعمال ويمنع المستخدمين من الوصول إلى الإنترنت. (صحيفة انتخاب الحكومية 30 يوليو 2023)

في الوقت ذاته فإن الالتزامات التي تم وضعها للوزارات المختلفة لتنفيذ ودعم قانون الحجاب تتطلب ميزانيات ضخمة.

أعلن أحمد رضا رادان قائد قوى الشرطة عن تركيب 20 ألف كاميرا على زي الشرطة، وقال إنه سيتم أيضاً تركيب 8 آلاف كاميرا أخرى ومع ذلك فإن قوة الشرطة بحاجة إلى 80 ألف كاميرا أخرى يجب شراؤها. (وكالة أنباء مهر الحكومية 6 أغسطس 2023)

40 وزارة وهيئة حكومية مكلفين بالسيطرة على الحجاب

تشتمل لائحة قانون المجلس على تمييز وعقاب والترويج للحجاب والرقابة الاجتماعية وتوسيع التدخلات الأيديولوجية للنظام في المجتمع والبيروقراطية في البلاد، وفي هذه اللائحة القانونية حوالي 50 مادة تحدد واجبات الوزارات والمؤسسات المختلفة.

وتُلزِم لائحة القانون “دعم الأسرة من خلال نشر ثقافة العفة والحجاب” تُلزِم وزارة الاقتصاد بمنح تسهيلات مصرفية وتكاليف إنتاج وتوريد منتجات الحجاب “كتكاليف ضريبية”.

ويلزم مشروع القانون هذا أيضًا وتًلزِم هذه اللائحة القانونية الإذاعة والتليفزيون بإنتاج مسلسلات تلفزيونية تركز على “أسلوب الحياة الإسلامي الموجه نحو الأسرة”.

ويأمر وزارة العلوم والتعليم العالي بفتح جامعات ومناطق حرم جامعي خاص للنساء.

ويطالب وزارة الصحة بتغيير ترتيباتها الإدارية، والفصل بين الموظفين والموظفات، وجعل تقديم الخدمات الطبية مشروطاً بمراعاة الحجاب، كما يتعين على وزارة الاتصالات الإسراع بإطلاق شبكة المعلومات الوطنية.

شعارٌ على الجدار : الموضوع ليس الحجاب وحسب

تناقض نظام الملالي

اعترفت السلطات الإيرانية بعدم جدوى القوانين الحالية في تطبيق الحجاب كواجب شرعي، وقد يؤدي فرض عقوبات مثل الجلد والسجن للمخالفين بالقوة إلى احتجاجات واسعة في أوساط المواطنين الساخطين، ولمعالجة هذا الموضوع تقرر أن نزع الحجاب ليس جريمة بل هو مخالفة تخضع للغرامة ويتم تغيير تصنيفها.

لكن مثل هكذا نهج سيؤدي إلى نشوء قضية غامضة، وبإلغاء التزام واجب الحجاب الشرعي، وتفقد السلطات منطق فرضه على جميع النساء.

لدى الخبراء داخل النظام وجهات نظر مختلفة بهذا الشأن، ويعارض البعض الموافقة على مشروع اللائحة القانونية المقترحة ويؤكدون أن القانون الحالي يعطي المزيد من الصلاحيات لمؤسسات مثل الشرطة والعناصر السريين.

واستشهد آخرون بتصريحات ولي فقيه الملالي علي خامنئي الذي قال إن عدم ارتداء الحجاب “حرام سياسياً”، ويعتقد أن الأعداء يستغلون هذه القضية لإضعاف أسس البلاد وضرب هويتها، ويؤكد هذا الرأي أن فرض الحجاب الإجباري له أهمية سياسية تتجاوز جانبه الديني.

وشدد نائب قائد قوى الشرطة قاسم رضائي على وجهة النظر هذه ووصف العفة والحجاب بأنه “أعلى مكونات القوة الوطنية” الذي تستهدفه القوى الخارجية، وقال: “الحجاب خطنا الأحمر” الذي لا يجب تجاوزه. (وكالة أنباء تسنيم الحكومية 23 يوليو 2023).

يبرز هذا التناقض اللحظة الخطيرة التي يواجهها النظام، ومع ذلك فإن الشعب الإيراني وخاصة النساء ناهضٌ ومصمم على إسقاط نظام القرون الوسطى هذا، وبدون الانحراف عن طريقهم، ويتقدمون بشعار “سواء بالحجاب أو بدون الحجاب ماضون إلى الأمام نحو الثورة” وقد كان شعار النساء والفتيات الإيرانيات خلال أحداث الانتفاضة.

Exit mobile version