حوار مع إلهه عظيم فر ممثلة المقاومة الإيرانية في المنظمات الدولية
ناقشت غراند لبنان في مقابلة لها مع إلهه عظيم فر ممثلة المقاومة الإيرانية في المنظمات الدولية عن الانتفاضة الشعبية الجارية في إيران والتي تأججت جذوتها إثر القتل الوحشي لـ مهسا أميني. إنتفاضة
تسلط هذه المقابلة الضوء على الأسباب الرئيسية للانتفاضة التي تتخطى الحجاب وأوسع من أن تقرن بـ الحجاب الإجباري وتؤكد استياء الشعب الإيراني من الدكتاتورية الدينية الحاكمة لإيران.
تدافع السيدة عظيم فر عن حرية النساء في اختيار الملابس محاورة بمنطق ضد الحجاب الإجباري، مناقشة المثل العليا للثورة من بينها بما مساواة النساء، وحرية التعبير، وإقامة جمهورية ديمقراطية.
في نهاية هذه المقابلة تم التأكيد على أن الانتفاضة تسعى للإطاحة الكاملة بالنظام وإقامة إيران المستقبل، إيران لا مكان فيها للإكراه بما في ذلك الحجاب بالإكراه.
الایرانیات من “لا” للحجاب الاجباری… إلی “نعم” لموت الدیکتاتور
منذ اندلاع الانتفاضة الشعبیة فی إیران علی أثر وفاة مهسا أمینی التی قتلت فی مرکز أمنی بحجة ارتداء الحجاب بصورة سیئة فی أیلول الماضی، والنساء الایرانیات لا یزلن فی قلب الشارع لا سیما الجیل الجدید فی الجامعات والثانویات الذی تعرض لأبشع أنواع التعذیب فی السجون ومراکز التحقیقات وحتی القتل بالرصاص خلال مشارکته فی التظاهرات، وأخیراً ولیس آخراً التهدید بالقتل عن طریق تسمیم الطالبات من دون أن یتم الکشف عن حقائق هذه الأسالیب التی تدینها المنظمات الحقوقیة والانسانیة فی العالم أجمع وکشف مرتکبیها ومحاسبتهم.
وللاضاءة علی ذلک، أشارت ممثلة المقاومة الایرانیة فی المنظمات الدولیة آلهة عظیم فر فی حدیث لـ”لبنان الکبیر” الی أن “مقتل مهسا أمینی کان جریمة قتل حکومیة. قتلت دوریة الارشاد فی نظام الملالی هذه الفتاة بحجة ارتدائها الحجاب السیئ، وبعد ذلک اندلعت انتفاضة فی إیران، لکن سببها لم یکن الحجاب الاجباری، بل أکثر من ذلک بکثیر، فالانتفاضة بدأت بشعار (الموت لخامنئی) و(الموت للدیکتاتور)، لکن فی الواقع، کان مقتل مهسا شرارة فجرت برمیل بارود. الشعب الایرانی یکره نظام الملالی، لأن هذا النظام دیکتاتوریة دینیة ملیء بالاحتیال والنفاق والأکاذیب وفاسد جداً”.
انتفاضات عدیدة حدثت فی إیران قبل ذلک، فی الأعوام 2009 و2107 و2109 بدأت کل منها بشرارة، قالت آلهة عنها:
“احداهما لتزویر انتخابات النظام الوهمیة، والأخری بسبب رفع أسعار البیض، ثم مضاعفة سعر البنزین ثلاث مرات، وفی سبتمبر(أیلول) 2022، استشهاد مهسا أمینی.
اذ أن من السمات البارزة لنظام ولایة الفقیه قمع النساء، وفرض الحجاب الالزامی، بفتوی من الخمینی فور تولیه السلطة فی العام 1979، وقاومته الایرانیات منذ البدایة.
فنحن نؤمن بحریة النساء فی ما یردن من الملابس لأن هذا الأمر له علاقة بالمرأة نفسها ولیس بالحکومة، ونقاوم من أجل حریتهن فی الاختیار وألا یکون الحجاب الزامیاً”.
لکنها فی المقابل، أوضحت أن “هذه الانتفاضة والثورة ترید أیضاً تحقیق الحریات ولیس حریة المرأة ومساواتها وحسب، بل حریة التعبیر والفکر وحق التجمع وحریة اختیار الدین. الشعب الایرانی، وخصوصاً نساء إیران، توصل إلی استنتاج مفاده أن هذه الحریات، بما فی ذلک حریة الملبس، لن تتحقق ما لم تتم الاطاحة بهذا النظام. ولهذا السبب فإن أول شعار أطلق بعد موت مهسا أمینی کان (الموت للدیکتاتور)، فهذا النظام الدیکتاتوری یجب أن یرحل”.
واعتبرت آلهة أن “استعادة مکانة المرأة فی إیران هی بالمشارکة فی القیادة السیاسیة بعد الاطاحة بنظام الملالی وإسقاط الاستبداد الدینی الحاکم”،
لافتة إلی أن “خمینی حاول تقیید النساء منذ البدایة، بعد الثورة المناهضة للشاه عام 1979، اذ رأی المشارکة النشطة للمرأة فی الثورة المناهضة للشاه، وفی الوقت نفسه، بصفته لصاً لهذه الثورة، لم تکن لدیه أی مؤهلات لادارة البلاد، کان یعلم أنه إذا لم یحدّ من النساء ویقیّدهن، فإنه سیفقد السلطة قریباً جداً فی إیران. لهذا السبب، جعل الحجاب الالزامی رکیزة أساسیة وإلزامیة فی حکومته وحاول علانیة أن یغرس فی مجتمعنا أن المرأة یجب أن تتعامل مع الأعمال المنزلیة وتربیة الأطفال فقط، ولا یجب الاعتراف بمسؤولیاتها السیاسیة والاجتماعیة. کما ورد هذا الموضوع فی دیباجة دستور نظام ولایة الفقیه التی تنص علی أن الواجب الأساس للمرأة أن تکون أماً والعنایة بالمنزل ورعایة الأطفال، وهذا ما شکل العقبة الرئیسة أمام تقدم المرأة الایرانیة”.
وأعطت مثالاً علی ذلک تصریحات الملا حسن روحانی، الذی تولی مناصب حکومیة رفیعة، مشیرة إلی ما قاله عن حجاب النساء فی الدوائر التابعة للجیش: “بدأت الموظفات غیر المحجبات بالتذمر، لکننی وقفت بحزم وقلت إنه اعتباراً من صباح الغد، فإن الحارس الموجود أمام الباب الرئیس ملزم بمنع النساء غیر المحجبات من دخول مجمع القیادة المشترکة للجیش”.
وأکدت أن “نظام الملالی فرض جمیع أنواع القیود علی نسائنا، من خلال الحجاب الالزامی وقوانینه المعادیة للمرأة ومنع أنشطتهن السیاسیة والاجتماعیة وحرمانهن من الحقوق.
والیوم فی انتفاضة العام 2022، لا تتوسل النساء الایرانیات من أجل حقهن فی الحصول علی حریة اللباس أو أی حریة أخری من هذا النظام، بل یدرکن جیداً أنهن لن یحققن حریتهن إلا بإسقاط هذا النظام وإقامة جمهوریة دیموقراطیة فی إیران”.
وعندما سألناها عن المواقف التی دعت المرأة الی المشارکة تحت شعار “مع الثورة سواء بحجاب أو بدونه”، أجابت:
“نعم، هذا شعار صحیح، فالمرأة الایرانیة أدرکت نیة النظام وکل من له مصلحة فی الحفاظ علیه فی تقلیص مستوی شعارات هذه الثورة إلی قضیة الحجاب. فمواقفنا فی تحقیق مطالب الشعب وحریة المرأة وحریة لبسها واضحة جداً، نحن نردد لا للحجاب الاجباری منذ أربعة عقود، لا الیوم ولا فی هذه الانتفاضة، لکننا لن نسمح باختزال مطالب شعبنا بالتحرر من استبداد الملالی بقضیة الحجاب. هناک أکثر من 750 شهیداً وأکثر من 30 ألف معتقل فی هذه الانتفاضة لم یکونوا بسبب خلع الحجاب وإنما لازالة عامل الحجاب الالزامی الذی هو حکومة القهر والاستبداد”.
وذکرت بأن “المرأة الایرانیة شارکت بنشاط وجدیة فی الثورة المناهضة للشاه ولعبت دورها، لکن بعد انتصار الثورة وسقوط الشاه، کانت أول الضحایا التی انتهکت حقوقها”.
وهنا سألناها: إذا لم تکن قضیة الحجاب قضیة کبری الآن بالنسبة الی الایرانیات، فکیف سیعرفن أن المصیبة نفسها لن تحل بهن فی حال نجحت الانتفاضة؟ فأجابت: “خمینی کان سارقاً ومتسلقاً علی ثورة العام 1979 ولیس قائدها. لم یقدم خطة قط، ولم یتحدث صراحة عن وجهة نظره والمستقبل. لکن انظروا الآن إلی مسرح الثورة الدیموقراطیة الجدیدة للشعب الایرانی. هناک امرأة تدعی مریم رجوی قالت بوضوح علی مدی أربعة عقود: لا للحجاب الاجباری، لا للدین الاجباری، لا للحکومة الاجباریة. هی قدمت برنامجاً واضحاً لمستقبل إیران، ذکرت فیه بوضوح المساواة بین الرجل والمرأة وحریة المرأة، بما فی ذلک حریة اللباس”.
ورأت أن لیس هناک “ما یدعو الی القلق. فالیوم، تناقش الثورة الایرانیة ودور المرأة فیها فی سیاق مختلف. وبعد الانتصار الحتمی لهذه الثورة والاطاحة بالنظام، ستجد النساء الایرانیات مکاناً ولن یسمحن بعودة الدیکتاتوریة إلی إیران، ناهیک عن الوقوع ضحایاه”
.وأشارت الی أن “خامنئی الذی یری نظامه ضعیفاً وهشاً للغایة ویخشی کثیراً سقوطه، لجأ إلی هذه الحیلة لوقف الانتفاضة تحت ستار شعار الحجاب. فهو یری أن هذا الشعار أقل خطورة من شعار (الموت لخامنئی) أو شعارات إسقاط نظامه. وما تریده المرأة الایرانیة الاطاحة بهذا النظام الاستبدادی الفاسد تماماً. وفی المستقبل لن یکون هناک مکان للحجاب الاجباری أو أی نوع آخر من الاکراه”.