الحجاب الإجباري، غطاءا وقناعاً دينياً لقمع الحريات
المادة الرابعة من خطة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من أجل حريات وحقوق النساء تضمن حق حرية اختيار الملابس والرداء، وهذه المادة هي رد البديل الديمقراطي (المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية) على الفرض الإجرامي للحجاب الإجباري على النساء تحت غطاء الدين.
قبل إنشاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ، وفي عام 1979 عندما جعل خميني الحجاب إجبارياً تحت شعار “إما الوشاح أو الحجاب” نهضت النساء الأعضاء في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (المنظمة الأساسية في عضوية المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية) وهن محجبات بالأساس نهضن للتضحية والوقوف في مواجهة عصى وهراوة الحرس، وقفن دفاعاً عن حرية الملبس والرداء وقد دفعن ثمن ذلك.
لقد كان واضحاً لمجاهدي خلق أن تعاليم ملابس ورداء النساء على يد الملالي لم تكن فرضاً عقائدياً بل كانت أداة لتقييد الطاقة الاجتماعية الهائلة لدى النساء واللائي لعبن دوراً مهماً في أحداث الثورة ضد الشاه والإطاحة بالدكتاتور السابق.
القوانين واللوائح المتعاقبة من أجل فرض الحجاب على النساء
لقد تم فرض الحجاب الإجباري بشكل خارج عن القانون من قبل خميني في الشهر الأول من سُلطة الملالي؛ تماماً قبل يوم واحد فقط من اليوم العالمي للمرأة سنة 1357 بالتقويم الإيراني (سنة 1979ميلادي) حيث أُعلِن أن الحجاب بات إجباريا على النساء في الدوائر، وتم تطبيق مرسوم خميني هذا منذ ذلك اليوم مع كافة أنواع القوانين واللوائح من قبل كافة الجهات الحكومية بآليات مذلة ومعادية للإنسانية ووحشية مُبتزة.
إن مبدأ المادة الثامنة من دستور الملالي ينص من خلال التشريع على التدخل في الشؤون الشخصية للناس تحت لواء الدين، وقد ثُبِتَ أن “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كفرضية وواجب عام”.
كما تنص المادة 638 من قانون العقوبات التنفيذية الحكومية أيضاً على أن “من إدعى علانيةً ارتكاب فعل محرم في الأماكن العامة والطرقات عوقب بالحبس من عشرة أيام إلى شهرين أو حتى بـ (74) جلدة بالإضافة إلى عقوبة الفعل”.
في يونيو 2014 تم إقرار مشروع قانون حماية الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لإطلاق أيدي العصابات الإجرامية المرتبطة بالحكومة لإرتكاب أي جريمة ضد النساء، وشهدنا بعد صدور مشروع هذا القانون مباشرة العديد من جرائم الاعتداءات بالأحماض الكيميائية والقتل طعنا بالسكاكين ضد النساء بذريعة الحجاب.
في عام 2016 اقترح مجلس النظام مشروع قانون آخر بعنوان خطة صيانة العفة والحجاب والذي طُرِحَ بالإضافة إلى الحالات المذكورة في القوانين السابقة، وقد جاء فيها أن سوء الحجاب يُعتبر مخالفة وكذلك تعتبر قيادة السيارة، وأما النساء فبالإضافة إلى الإهانة والضرب والسب والتنكيل فإنهن عُرضةً للإبتزاز المالي.
إن كل من كانت لديه معرفة حتى ولو بالحد الأدنى حول ثقافة الملالي يعرف أنه عندما يأتي ذكر كلمة “العفة” أنها سهم حاد موجه نحو النساء مع كل أنواع القيود المفروضة تحت غطاء الدين.
في 20 سبتمبر 2023 تمت المصادقة على مشروع قانون جديد في مجلس النظام، وقد كُلِفت بمشروع هذا القانون أكثر من 30 وزارة وهيأة حكومية بتنفيذ قائمة طويلة من الواجبات المتعلقة بتنفيذ هذا القانون، وينتهك مشروع هذا القانون بشكل صارخ حقوق المواطنين، ويُطلق أيدي عناصر النظام لتحصيل “غرامات سوء الحجاب” من حسابات الناس المصرفية، والوصول على نطاق واسع إلى جميع أنواع كاميرات الدوائر المغلقة الخاصة والعامة، ويُطلق أكثر فأكثر أيدي العملاء الحكوميين من أجل التجسس والإذلال والتعذيب والنهب بحق الناس.
جلد لا نهاية له على أجساد وأرواح النساء تحت عنوان الحجاب
وكما أشرنا سابقاً هناك دور ومسؤوليات الآن لـ 32 مؤسسة حكومية في تطبيق الحجاب الإجباري على النساء بدءا من الإقدامات الوحشية والمهينة إلى التجسس إلى رفض تقديم الخدمات إلى التهديد والطرد والحرمان من كافة أنواع الحقوق الاجتماعية الأساسية إلى الملاحقات القضائية الثقيلة.
في 27 يوليو 2022 اعترفت صحيفة ”همشهري“ الحكومية بأن ما بين 60 إلى 80 بالمئة من نساء الحضر يخضعن تحت وطأة دوريات إرشاد النظام، وعلى ذلك أكد علي خامنئي ولي فقيه النظام في نفس اليوم على مسألة الحجاب الإجباري وقال إن على النساء أن يرتدين الحجاب الإسلامي والجادور في كل مكان، وكان هذا التأكيد الإجرامي هو نفسه الذي أدى إلى القتل الوحشي الظالم لـ جينا أميني (مهسا أميني) على يد دورية الإرشاد وتكرر بعد عام بمقتل آرميتا كراوند.
بعد مقتل مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 لم تظهر دورية الإرشاد في الشوارع لفترة خوفا من اشتعال الانتفاضة مجدداً؛ لكن نظام الملالي تابع كراهيته الهستيرية بحق نساء وفتيات إيران الناهضات المنتفضات وكان اتباعه لجريمة تسميم فتيات المدارس بالغاز أحد أوجه هذه الكراهية.
في 15 أبريل 2023 أعلن قائد قوى الشرطة ”أحمد رضا رادان“ مرة أخرى أن النظام سيزيد من عمليات القمع ضد النساء بشأن الإختيار الحر للملابس والرداء، وسيتم هذه المرة باستخدام تقنية تشخيص الوجه وكاميرات المراقبة كاميرات الدوائر المغلقة، ومصادرة البطاقات الوطنية وغير ذلك.
أمروا البنوك والمستشفيات ومحطات المترو والمطارات والمسارح ودور السينما وسائر أماكن الخدمة العامة بالإمتناع عن توفير الخدمات للنساء اللواتي لا يغطين شعرهن.
أغلقت قوى الشرطة مئات المطاعم والمتاجر والمكتبات والمتنزهات والشركات الناشئة والمواقع السياحية في جميع أنحاء البلاد بسبب أنهم قدموا خدمات لنساء بدون حجاب.
حُرِمت الطالبات من مواصلة التعليم وطُرِدن من الجامعة تحت نفس الغطاء.
عاقبت سلطة النظام القضائية النساء بغرامات ثقيلة مُنهكة، وبالسجن والجلد والفصل من العمل، وبأحكامٍ مهينة.
في 10 يوليو 2023 حُكِم على إمرأة في طهران بالسجن التنفيذي لمدة شهرين والمنع من الخروج مدة سنتين بسبب عدم ارتدائها الحجاب الإجباري، كذلك عليها مراجعة طبيباً نفسياً كل أسبوع لمدة ستة أشهر لكي تتعالج من مرض” الشخصية المعادية للمجتمع”!
حُكم على إمرأة أخرى مُتهمة بنفس الذريعة بغسل جثة ميت في مغسلة بطهران لمدة شهر ودفع غرامة نقدية قدرها 31 مليون ريال. (صحيفة ”هم ميهن“ الحكومية – 13 يوليو 2023)
في 12 يوليو 2023 تم فصل مساعدة الطبيب الشابة من عملها بذريعة الحجاب الإجباري والحُكم عليها بالقيام بخدمات التنظيف لمدة شهر.
في 29 مايو 2023 حكمت محكمة في طهران على إمرأة بالقيام بـ 270 ساعة من خدمات التنظيف المجانية في مبنى وزارة الداخلية لعدم التزامها بالحجاب.
في 13 أبريل 2024 أيضاً في حين لم تتم بعد المصادقة على مشروع قانون الحجاب الأخير قامت عناصر قوى الشرطة، ودوريات الإرشاد وحارسات الحجاب والشاحنات البيضاء بالتدفق مجدداً إلى الشوارع من أجل تنفيذ “مشروع نور” و”مكافحة عدم التحجب” وبدأوا في تكرار وتكرار مشاهد الجريمة المفجعة، وتنتشر مشاهد هذه الجريمة كل يوم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتتواصل قائمة جرائم حكومة الملالي بذريعة الحجاب الإجباري حتى يوم إسقاط هذا النظام.