حملات الحجاب القسري لمزيد من اعتقال النساء الإيرانيات
يحشد العالم كل موارده لمكافحة جائحة فيروس كورونا والتغلب عليه. لكن النظام الحاكم في إيران يركز كل
موارده على القمع والحيلولة دون وقوع انفجار النقمة الشعبية. وبدلاً من تكريس معظم الموارد المالية والبشرية لتنفيذ البروتوكولات الصحية وإيجاد طرق لتقليل إصابات ووفيات المواطنين بهذا الفيروس القاتل، عزز النظام قواته القمعية. الخط الأحمر لنظام الملالي هو منع الاحتجاجات في الشوارع.
وقد تجلى ذلك بشكل أفضل في تطورات الشهر الماضي:
- انتشار الوحدات الضاربة لقوات الحرس في أماكن مختلفة للحيلولة دون وقوع أي احتجاج
- إنشاء قاعدة مركزية تسمى مكافحة مع الانذال والاوباش بهدف اعتقال المتظاهرين
- إصدار حكم بالإعدام وحتى إعدام محتجين معتقلين
- زيادة الأجواء الأمنية في الفضاء المجازي من خلال اعتقال واستدعاء المستخدمين
- وأخيراً إطلاق حملات لفرض الحجاب القسري بعنوان «خطة الناظر» لقمع واعتقال أكبر عدد ممكن من النساء.
كل هذه الإجراءات تهدف إلى قمع الحريات الأساسية وترهيب الجمهور في محاولة لمنع اندلاع أي شكل من أشكال الاحتجاج. الشيء الذي تقوده النساء باعتباره الشريحة الأكثر استياءًا في المجتمع الإيراني.
70٪ من المواطنين الإيرانيين يعارضون فرض الحجاب القسري
إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي يتم فيها جلد النساء 74 جلدة إذا ظهرن في الأماكن العامة دون تغطية شعرهن. ومع ذلك، في كثير من الحالات، لا تقتصر هذه العقوبات على 74 جلدة.
وتشمل العقوبات أيضا اعتقالات واسعة النطاق وأحكام بالسجن لمدد طويلة بتهمة المختلقة من قبل الملالي مثل «سوء التحجب» و«ترويج الفساد والفحشاء»
وبهذا الشأن حُكم على صبا كرد أفشاري بالسجن لمدة 24 عامًا لإبداء معارضتها الحجاب القسري. تقضي حاليًا فترة حكمها الجائر في جناح النساء بسجن إيفين.
ومع ذلك، أدى الضغط المتزايد على المجتمع الإيراني والنساء إلى نتائج معاكسة.
وقال مهدي نصيري، مدير التحرير السابق لصحيفة كيهان الحكومية، في مقابلة تلفزيونية يوم 16 سبتمبر 2020: «يعارض 70 في المائة من الشعب الإيراني فرض الحجاب القسري. ويشهد كل عام انخفاضًا بنسبة 5 في المائة في عدد النساء الملتزمات بالحجاب» مضيفًا حتى في المدن الدينية مثل قم، فإن غالبية الناس يعارضون الحجاب القسري.
الاستياء من الحجاب القسري واسع النطاق، مما دفع أحد المسؤولين القضائيين في قزوين للاعتراف به. قال نور الله قدرتي إن هناك 110 تشريعات وتوجيهات ووثائق مصدق عليها بشأن الحجاب لا يمكن للنظام فرضها. (وكالة أنباء تسنيم الحكومية – 5 سبتمبر 2020).
دعوة إلى جعل المجتمع غير آمن لمعارضين الحجاب القسري
دعا إمام صلاة الجمعة في اصفهان بوسط إيران مؤخرًا إلى تشكيل شعب محكمة خاصة لمعالجة «المخالفات الأخلاقية».
وقال المعمم المجرم ”يوسف طباطبايي نجاد“ في لقاء مع نائب الاستخبارات والأمن في هيئة أركان القوات المسلحة وقائد قوى الأمن الداخلي بمحافظة أصفهان: … يجب إعطاء سلطات إنفاذ القانون مزيدًا من الصلاحيات فيما يتعلق بخرق القاعدة وخرق القانون … . يقصد به النساء اللواتي يعارضن الحجاب القسري ويعبرن عن هذه المعارضة بطرق مختلفة.
وقال طبطبائي نجاد: يجب جعل الفضاء العام غير آمن لهؤلاء وعددهن قليل ولا ينبغي السماح لهن بخرق الأعراف بسهولة في الشوارع والمتنزهات …(وكالة أنباء ”مهر“ الحكومية – 2 آكتوبر2020)
كما وأكد المجرم: «يجب أن تكون نظرة القضاة لدعم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر». ويشير إلى قوات للباسيج التي تستهدف النساء في الشوارع وتجبرهن بعنف على ارتداء الحجاب القسري.
تزايد الاشمئزاز العام من حملات الحجاب الإجباري
ووصفت وسائل الإعلام الحكومية الكراهية المتفجرة للمواطنين من الحكومة بـ «عدم الثقة العامة». ويقضي الملالي كل وقتهم وطاقتهم للسيطرة على السلطة حتى ولو ليوم آخر. للقيام بذلك، يرسلون الشباب إلى المشنقة ويزيدون الضغط على السجناء المقيدين. إنهم يعرضونهم عمدا لفيروس كورونا للتسبب في موتهم التدريجي.
يستخدم نظام ولاية الفقيه المعادي للنساء أيضًا تكتيكات متكررة الاستخدام للسيطرة على الوضع المتفجر في المجتمع. الخطط التي تم تنفيذها عدة مرات خوفًا من احتجاجات النساء والشباب، وإثبات عدم كفاءة هذا النظام قدر الإمكان. فمثلاً القيام بحملات لفرض الحجاب القسري بعنوان «الناظر» وإرسال مأموري إنفاذ القانون والأمن إلى الشوارع تحت عنوان «الأمن الأخلاقي»! وخلق مضايقات في الشوارع للنساء والفتيات الإيرانيات بحجة «سوء التحجب» المختلقة من قبل الملالي.
وتأتي هذه الأعمال من قبل النظام في وقت يدرك فيه التأثير الكبير للمرأة الإيرانية في الانتفاضات. كما جرب دورهن جيدًا في قيادة الانتفاضة في إطار معاقل الانتفاضة.
خطط الناظر من 1 إلى 4
مؤخرا أعلن قاسم رضائي معاون قائد قوى الأمن الداخلي عن تخطيط وتنفيذ أربعة خطط من «الناظر» والتعامل بحزم مع سوء التحجب في السيارات والمجمعات التجارية والمتاجر الكبيرة، فضلا عن التنزهات والأرصفة والفضاء المجازي. (وكالة أنباء ”ركنا“ الحكومية – 20 سبتمبر 2020).
وقال رضائي إن قوة الشرطة «لا تعرف ليلا ونهارا لتنفيذ المهام الموكلة إليها». وأضاف موضحاً هذه الخطط القمعية الأربع: «فيما يتعلق بالعفة والحجاب، فإن قوات الشرطة تخطط وتنفذ أربع خطط: في خطة الناظر 1 مع النساء اللواتي لا يراعن الحجاب في السيارة، في خطة الناظر 2 مع النساء اللواتي لا يرتدن الحجاب المناسب أوبدون الحجاب في المجمعات التجارية والمتاجر الكبيرة وكذلك في خطة الناظر 3 و 4، سيتم التعامل مع النساء اللواتي لا يراعن الحجاب في المنتزهات والأرصفة وكذلك في الفضاء المجازي.
حظر صور دون الحجاب في الفضاء المجازي
توسعت خطة الناظر الرابع المناطق الخاضعة لسيطرة شرطة فتا (شرطة الفضاء المجازي). إنها تراقب جميع صفحات وحسابات النمذجة والتصوير والفن على مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء المجازي. وقد تم استدعاء العشرات من مستخدمي هذه الحسابات في الأشهر الأخيرة. وتشمل التهم الموجهة إليهم نشر صور «تنتهك العفة العامة» أو «غير أخلاقية» أو «مبتذلة».
في أحد الأمثلة على هذه التدخلات حدث في 27 سبتمبر 2020، في مدينة يزد وسط إيران. دخلت شرطة فتا حساب مستخدم على إنستغرام بحضوره. حذفوا جميع الصور التي تظهر النساء اللواتي لم يكن يرتدين الحجاب بشكل صحيح. ثم قاموا بتغيير كلمة المرور والبريد الإلكتروني للحساب لمنع المستخدم من الوصول إليه. واستبدلت شرطة فتا أيضًا صورة الملف الشخصي للمستخدم بشعارها الخاص الذي نصه: «نظرًا لنشر صور غير قانونية، تمت إزالة هذه الصفحة مؤقتًا من وصول مديرها».
صورة محجبة في الملف الشخصي، شرط للمشاركة في دروس عبر الإنترنت
لم يتنازل نظام الملالي حتى عن الضغط على الفتيات الصغيرات، وجعله شرطًا لحضور دروس عبر الإنترنت وجود صوة محجبة في ملفهن الشخصي.
أعلن عدد من أولياء أمور الطالبات في أواخر سبتمبر 2020، أن النظام، عبر مديري ومعلمات بعض مدارس البنات، ضغط على الطالبات لاستخدام صور بالحجاب في حساباتهن في مجموعات تعليمية افتراضية خلال فترة كورونا. وكان تغيير الصور هو المطلب الرئيسي للمشاركة في دروس عبر الإنترنت أثناء الوباء.
وقال بعض الآباء إنهم تلقوا تهديدات بأن مدير المدرسة سيطرح من درجة بناتهم للتأديب إذا لم يكن يرتدين الحجاب في صور ملفاتهن الشخصية.
وكتب أحد الصحفيين في حسابه على تويتر: «لقد اتصلوا من المدرسة وقالوا بما أن معظم الأمهات عضوات في حساب واتساب، يجب أن تكون صورتك الشخصية محجبة!
شبكة الأجهزة المسؤولة عن فرض الحجاب القسري
نشرت لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وثيقة كاملة بشأن شبكة مكونه من 27 وكالة حكومية تفرض الحجاب القسري. وتشرح هذه الوثيقة بدقة دور كل وكالة حكومية في هذه الشبكة الواسعة.
وبهذا الشأن كشف قائد قوى الأمن الداخلي، حسين أشتري، لأول مرة في ديسمبر 2016، أن 26 وكالة ملزمة بفرض الحجاب القسري.
ثم وافق المجلس الأعلى للثورة الثقافية ملحقًا آخر في سبتمبر 2019، بعنوان «مجموعة تكميلية» وعقب ذلك زادت وكالة جديدة إلى الوكالات السابقة أي 26 وكالة لمزيد من القمع و فـرض الحجاب القسري. وتضم الشبكة 10 وزارات في البلاد.
في ظل الظروف المتفجرة للمجتمع الإيراني، لا يزال يسعى النظام إلى تكثيف القمع من خلال قمع المرأة. يرسلون قواتهم القمعية إلى الشوارع لقمع النساء خلال حملات الحجاب.
ومع ذلك، لن تكون هذه الإجراءات القمعية إلا حافزًا لتسريع اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام. مما تؤدي إلى انتفاضات وفي النهاية إلى إسقاط نظام الملالي الاستبدادي.
نعم، في النهاية، سيتلقى النظام الضربة القاضية من نفس القوة العظيمة التي لم يأخذها بعين الاعتبارهن يشكلن قوة هائلة من أجل التغيير والتي ستوجه الضربة النهائية لإسقاط النظام.