الحق في الطلاق هو أحد الحقوق العديدة التي حُرمت منها المرأة الإيرانية

الحق في الطلاق هو أحد الحقوق العديدة التي حُرمت منها المرأة الإيرانية

الحق في الطلاق هو أحد الحقوق العديدة التي حُرمت منها المرأة الإيرانية

يمكننا أن نرى التمميز في إيران بأم أعيننا في جميع المجالات الاجتماعية، تحت وطأة حكم الملالي. وتُعتبر اللامساواة في الحق في الطلاق من الأمثلة الواضحة على هذه الحقيقة.

ووصلت اللامساواة فداحةً لدرجة أن العديد من الإيرانيات يفضلن الصمت في خضم مواجهتهن للعديد من المشاكل المعيشية عندما يُستهدفن عقدة رجال العائلة، بيد أنهنّ لا يتورطن في تعقيدات المحاكم المناهضة للمرأة والمسماة بـ “محكمة الأسرة” وقضاتها الفاسدين أو أنهن يُقبِلنَ على الانتحار.

تنص المادة الـ 1133 من القانون المدني لنظام الملالي بوضوح على أن “الرجل له الحق في أن يطلِّق زوجته متى شاء”.

أي أن الطلاق يتم بناءً على إرادة الرجل ورغبته، وأنه مرهون فقط بمراعاة الإجراءات القانونية، أي التحكيم واستلام إفادة بعدم قبول التسوية ودفع المهر والنفقة.

وعندما تتعرض المرأة الإيرانية لمزيد من العنف والمضايقات، فإنها لا تضطر إلى التفكير في الطلاق إلا عندما تكون قد عانت من كل الإذلال والقيود الاجتماعية والاقتصادية بعد الطلاق؛ بسبب الثقافة السائدة المعادية للمرأة، والأفكار التقليدية للمجتمع الإيراني أيضًا. لذلك، فإنها أكثر استحقاقًا للتمتع بحماية القانون. لكن ما هو الواقع في إيران؟

وسنتعرف فيما يلي على طُرق تسجيل طلب الطلاق من جانب المرأة بموجب ما تنص عليه قوانين نظام الملالي، ويجب علينا في الواقع أن نطلق على هذه الطُرق “العقبات القانونية للحيلولة دون حصول المرأة على الطلاق”. 

الاستناد إلى نص عقد الزواج على حق المرأة في الطلاق 

تنص المادة الـ 1119 من القانون المدني للملالي على أن طلب المرأة للطلاق مرهون بأن يكون منصوص عليه في عقد الزواج. فعلى سبيل المثال، يكون طلب الطلاق مشروطًا بزواج الزوج من امرأة أخرى أو بغيابه عن زوجته لفترة معينة أو بتخليه عن الإنفاق عليها أو أساءة معاملتها بحيث يستحيل استمرار الحياة الزوجية بينهما. وتكون المرأة هي الوصية على نفسها في هذه الحالة، وتطلِّق نفسها بعد إثبات وقوع ما حدث في محاكم نظام الملالي الصورية وإصدار الحكم النهائي.

وعلى الرغم من أن إثبات مثل هذه القضايا في المحاكم الذكورية، وهي التي هدفها المعلن هو “الصلح بين الطرفين” إلا أنها تُعتبر من أشكال المعاناة التي يعاني منها المجتمع. ولكن قبل ذلك، تجدر الإشارة إلى أن مثل هذا الاتفاق أثناء إبرام عقد الزواج يدمر العلاقة بين العائلتين قبل الزواج. لذلك، فإن معظم العائلات لا تقبل بمثل هذا الشرط.

بيد أن المرأة لا يمكنها عمليًا طلب الطلاق اعتمادًا على الشرط الوارد في عقد الزواج فقط حتى إذا تم النص على مثل هذا الشرط في عقد الزواج، بل يجب أن يكون لديها توكيل رسمي من الرجل. وهذا يعني أنه يجب على الرجل مراجعة مكاتب الوثائق الرسمية عند الزواج لمنح توكيل رسمي لزوجته المستقبلية بحقها في طلب الطلاق. ويجب أن يكون التوكيل غير قابل للتغيير أو الإلغاء، ويجب منح ولي أمر المرأة كافة الصلاحيات المتعلقة بطلب الطلاق في هذا التوكيل، وتسجيل جميع صلاحيات ولي الأمر فيه.

بالإضافة إلى كل هذه القواعد، تنص المادة الـ 678 من القانون المدني على أنه يُمكن للزوج إلغاء التوكيل الرسمي متى شاء، ما لم ينص عقد الزواج على أن التوكيل الممنوح لولي أمر الزوجة غير قابل للتغيير أو الإلغاء.

الحق في طلب الطلاق يتطلب إثبات صعوبة استمرارية الحياة الزوجية

تنص المادة الـ 1130 من القانون المدني لنظام الملالي على أنه يجب على الزوجة أن تثبت صعوبة استمرارية الحياة الزوجية، أي معاناتها في حياتها من أجل الحصول على حقها في الطلاق؛ لعل الحاكم المناهض للمرأة يسمح لها بالطلاق.

وتشتمل الأمثلة على هذه القضية في قوانين نظام الملالي على بعض الحالات، من قبيل ترك الرجل للحياة الأسرية لمدة لا تقل عن 6 أشهر متتالية أو 9 أشهر متقطعة في غضون عام واحد دون عذر مُبرَّر، والإدمان على أحد أنواع المخدرات أوالمشروبات الكحولية ورفض الإقلاع عنه، والحكم على الزوج بالسجن لأكثر من 5 سنوات، وانهيال الزوج على الزوجة بالضرب والسب أو أي شكل من أشكال التعسف المستمر غير المألوف، وابتلاء الزوج بأمراض مستعصية العلاج.

وتجدر الإشارة إلى أنه لكي تؤكد المرأة حقها في الطلاق استنادًا إلى أيٍ من الأسباب الواردة في هذا القانون، فضلًا عن أنها يجب أن تثبت أمام المحكمة المعاناة التي فرضها عليها الزوج؛ يتعيَّن عليها أيضًا أن تثبت وجود هذه المعاناة واستمرارها عند تقديم عريضة الدعوى بطلب الطلاق. بمعنى أنه لا يمكن للمرأة أن تطلب الطلاق من المحكمة بسبب تعرضها أو أبنائها للإصابة من قبل الزوج ذات مرَّة، على سبيل المثال؛ ما لم تثبت أن هذه الاعتداءات مستمرة.

وهذا يعني أنه يمكن للرجل بسهولة تغيير سلوكه بشكل مؤقت ومخادع أو التظاهر بأنه قد تغيَّر؛ لمنع المحكمة من إصدار الحكم بطلاق الزوجة.

قبل المادة المذكورة أعلاه، ينص هذا القانون في مادته الـ 1029 على أن طلب الزوجة للطلاق مرهون بغياب الزوج واستحالة تعقُّبه لمدة 4 سنوات كاملة، وهو ما يتعارض مع الشرط المنصوص عليه في المادة موضوع المناقشة.

وبناءً عليه، تركت قوانين نظام الملالي جميع الثغرات القانونية مفتوحة؛ لكي يتسنى للقضاة المناهضين للمرأة الإحجام عن منح الزوجة حقها في الطلاق حتى عند تعرُّضها لأشد الحالات عنفًا والتي تتسبب في تشويه الأطفال وتعرُّضهم لأضرار جسيمة أيضًا.

الطلاق بالتراضي

أُخذت بعض العقبات بعين الاعتبار في قوانين نظام الملالي حتى في الطلاق بالتراضي. إذ أنه يجب على المتقدمين للحصول على الطلاق بالتراضي مراجعة جهاز تحديد مواعيد الطلاق أولًا لمنحهم الوقت؛ اعتبارًا من أواخر شهر نوفمبر 2018 بموجب التعميم رقم 9000/13104/55 الصادر بتاريخ 26 نوفمبر 2018.

بعد تسجيل ما اتفق عليه الطرفان، يأتي وقت الاستشارة. ويتعيَّن على الطرفين إجراء 5 جلسات استشارية إجبارية، خلال فترة زمنية مصيرية مدتها 45 يومًا، لكي يتسنى لهما الحصول على إفادة باستحالة المصالحة بينهما. وحينئذ فقط يمكن لمحاميهما تسجيل طلب الطلاق بالتراضي لدى مكتب الشؤون القضائية. ويجب على الزوجة في حالة الطلاق بالتراضي أن تُجري أولًا اختبارًا للحمل تحت إشراف المحكمة حتى يتمكن القضاة من اتخاذ قرار بناءً على النتيجة.

ومن المؤكد أن الزوجة لا يجوز لها أن تطالب بالمهر في حالة الطلاق بالتراضي؛ بموجب ما تنص عليه قوانين نظام الملالي.

طلاق الخلع

يبدو أن طلاق الخلع هو السبيل لحصول الزوجة على الطلاق. إذ تنص المادة الـ 1142 من القانون المدني لنظام الملالي على أن “طلاق الخلع هو حصول الزوجة على الطلاق مقابل ما تعطيه للزوج من ممتلكات؛ بسبب ما تكنُّه له من كراهية”. ويجب تحديد مقدار الممتلكات المشار إليها بمقتضى التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.

وهذا يعني أنه يجب على الزوجة أن تدفع للرجل الذي أساء معاملتها وعرَّضها للعنف الشديد؛ ما يرضيه من المال أو الممتلكات حتى يتسنى لها الحصول على الطلاق.

الأم ليست لها الحق في حضانة الأطفال

تنص المادة الـ 1169 من القانون المدني لنظام الملالي على أن الأم لها الحق في حضانة الطفل ورعايته حتى يبلغ سن الـ 7 فقط، وبعد ذلك يتم إسناد الحضانة للأب. كما أن المادة الـ 1170 تنص على إسقاط حضانة الأم للطفل سواء كان بنتًا أو ولدًا بناء على طلب الزوج؛ في حالة زواجها أثناء حضانتها للطفل.

وبطبيعة الحال، نجد أن الأمهات الإيرانيات، خاصة اللواتي يطالبنَ بالطلاق بسبب عنف الزوح أو إدمانه، فضلًا عن أنهنَّ بشكل عام لا يتمتعنَ بالاستقلال المالي، ولا يعشنَ في ظروف حياتية جيدة – وعددهنَّ لا يحصى – مضطرات إلى التغاضي عن حقهنَّ في الطلاق من أجل إنقاذ حياة أطفالهنَّ من ذلك الزوج.

وتجدر الإشارة إلى أنه فيما يتعلق بالحضانة أيضًا، نجد أن قانون الملالي المدني المناهض للمرأة قد ميَّز بين الأطفال الذكور والإناث على أساس سن البلوغ. إذ أن هذا القانون ينص على أن فترة حضانة البنت لا تتجاوز 9 سنوات، وفترة حضانة الولد تستمر حتى يبلغ الـ 15 من العمر.

العقبة الأخيرة التي وضعها نظام الملالي لحرمان المرأة من الحق في الطلاق

نُشر في شهر مايو 2022، خبر بإصدار مجلس شورى الملالي لقرار جديد تحت عنوان “قبول عجز المدينين عن سداد المهر قبل الزج بهم في السجون”. وإذا تم التصديق على هذا القرار، فإنه سيجعل عملية تحصيل المهر للزوجات أمرًا مستحيلًا.

وينص هذا القرار على أنه “إذا قدَّم الزوج التماسًا بإعفاءه من الدين بسبب عجزه عن الدفع، فإنه لن يُسجن ما لم يتم إثبات قدرته على السداد”. في مثل هذه الحالة، تقع مسؤولية إثبات قدرة الزوج المالية على السداد على عاتق الزوجة أيضًا.

وبموجب القانون فإن كيفية تنفيذ الأحكام المالية تتعلق بمبدأ قدرة المدين على سداد الدين، بمعنى أن هذا الشخص لديه القدرة على سداد دينه، ما لم يثبت خلاف ذلك. ونجد الآن أن هذا القرار الذي صدَّق عليه أعضاء مجلس شورى الملالي؛ بدلًا من أن يفترض أن المدين الذي وافق منذ البداية في عقد الزواج على دفع المهر عاجز عن سداد الدين، يتغاضى عن مبدأ عدم قدرة الزوج على السداد.

کما یتم بموجب هذا القرار تعريف رسوم كاتب العدل على أنها نوع من ضريبة المهر. وبطبيعة الحال، كلما ارتفع المهر المحدَّد، كلما ارتفعت رسوم كاتب العدل أيضًا، وهذه طريقة جديدة لنهب حقوق المواطنين. (وكالة “إيسنا” الحكومية للأنباء – 24 أبريل 2022).

وبالتالي، تضع قوانين حكومة الملالي المناهضة للمرأة شتى أنواع العقبات أمام المرأة لحرمانها من الحق في الطلاق. ويُعتبر هذا التمييز جزءًا من سياسة القمع الشامل للمرأة على يد الملالي لإبقائها على الهامش كإنسانة من الدرجة الثانية.

Exit mobile version