الذكرى السنوية لاعتقال السجينة السياسية الصامدة مريم أكبري منفرد، الأم لثلاثة أطفال

الذكرى السنوية لاعتقال السجينة السياسية الصامدة مريم أكبري منفرد، الأم لثلاثة أطفال

رأينا بمناسبة الذكرى السنوية لاعتقال السجينة السياسية، مريم أكبري أنه من المناسب إعادة نشر إحدى رسائل هذه المرأة المناضلة التي كانت قد أرسلتها من سجن إيفين، في أغسطس 2017. إذ تعبِّر رسالة مريم عن المشاعر النقية لامرأة وأم لثلاث بنات. فهي نموذج لامرأة حرة أمضت 12 سنة متتالية في السجن دون أن تحصل على إجازة ولو ليوم واحد.

اعتُقلت مريم أكبري منفرد في منتصف الليل، في 30 ديسمبر 2009، في منزلها، عندما كانت تنوِّم ابنتها سارة البالغة من العمر 4 سنوات. وهي سجينة سياسية مناضلة وصامدة في الدفاع عن قضية حرية الشعب الإيراني، حيث قالت في رسالتها: “نحن نشعر برائحة الربيع في سجن إيفين، ونحن على يقين من أن هذا الربيع الجميل سيأتي يومًا ما، ويغطي ربوع بلادنا بالجمال. إن ربيع الحرية يلوح في الأفق … إلخ. وسوف يأتي الربيع لا محالة. وسوف يمر من بين الأسلاك الشائكة ويهبط في وطننا”.

وتصف السجينة السياسية السابقة، آتنا فرقداني نضال مريم أكبري منفرد بأنه كان قوس قزح الأمل لجميع السجناء.

وبمناسبة الذكرى السنوية لاعتقال مريم أكبري منفرد، ندعو المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالعنف ضد المرأة؛ مرة أخرى إلى دراسة ملف هذه السجينة السياسية الإيرانية، وغيرها من السجينات السياسيات المحجوزات في السجون الإيرانية.

بمناسبة الذكرى السنوية الـ 13 لاعتقال مريم أكبري منفرد، الأم لثلاثة أطفال

تحدثنا وقرأنا باسم الله وباسم الحرية والوعي والعدالة عن معاناة أمهات شهداء مجاهدي خلق، وعن إحدى رسائل مريم أكبري منفرد حول أمهات سجناء مجاهدي خلق، وعن الملاحم المجيدة الخالدة، وغنَّينا أروع الملاحم في تاريخ حرية الشعب الإيراني. وأرسل السلام والتحية بقلب مليء بالحب والإيمان للأرواح المنتصرة لأولئك الأبطال المقيدين بالسلاسل وشهود الصدق والولاء والتضحية بالنفس.

أكتب إلى الأمهات والآباء الذين ينحني جبل دماوند أيضًا أمام مقاومتهم الفولاذية. وأقوم بتصفح مفكرة حياتي اليومية تقديرًا لتفسيرهم العظيم والإنساني لكلمة الأم، وتقديرًا لمحبتهم الوافرة التي لا تنقطع لحظة واحدة، والصمود الذي يمر كالنسيم على جبين السماء؛ بغية أن أصل إلى صفحة أجد فيها رؤيتك المألوفة. إن وجهات نظرك الرحيمة مثل الرسول الذي تحدَّث عن الحياة، وعاش الوجود، وصرخ صرخة الحق.

 كانت أيام عودة أسرى الحرب المليئة بالضجيج إلى وطنهم. وأضاءوا حَيِّنا بمناسبة عودة ”رضا“ نجل جارتنا الجدار في الجدار السيدة زهرا. وذهبت الأم في ذلك اليوم إلى مقبرة ”بهشت زهرا“ كما هو معتاد، وعادت إلى المنزل ظهرًا.

وأتذكر تلك اللحظة جيدًا؛ حيث عانقت الأم نجلها ”رضا“ كثيرًا وقبلت خديه، وكأنها كانت تقبِّل خدود حبيبها ”عبد الرضا“ الذي لم يمض وقت طويل على استشهاده. كنتِ غارقة في أفكارك طوال اليوم، وكانت نظراتك تتحدث عن سوط الظلم. إنني أشاطرك الرأي وأربُت على قوامك الصامد، حيث أنني أتذكر كل هذه الصعوبات، وكل هذه التطورات، وكل هذه القسوة، وكل هذا الظلم، ولا تزالين صامدة. كنتُ أتمنى أن أتمكن أنا أيضًا من الاحتفال بعودة أحبائي، على الرغم من أنني لم أر أجسادهم ولم يُسمح لي حتى بإقامة الحداد عليهم”.

نعم، في الأيام التي غُمرت فيها شوارع إيران بالورود، وأضاءت أحياء إيران بمناسبة عودة أسرى الحرب، وكان المواطنون منهمكون في الاحتفال والفرح. كانت هناك أمهات أيضًا متقوقعات وحدهن في زاوية منعزلة حزينات على إعدام أبنائهن المحبطين، ولم يدري أحد بالصرخات التي كانت تدوي في قلوب هؤلاء الأمهات.

وأصبحت همسات تهويدات هؤلاء الأمهات ترنيمة في مشهد الحرية حتى تسترد سلالة يزداني سيادتها الأبدية على وجه الأرض وتمنح للعالم معنى بقدر جهودها وحبها. لقد أصبح هؤلاء الأحباء الذين ذبح العبيد قرة أعينهم مثل الحمام لجعل مائدة الأسياد الملونة أكثر تلونًا؛ مصدر إلهام ومحفزين ونموذجًا للتضحية والمثابرة والشجاعة.

كان والداي مجرد مثال لأمهات وآباء أعدموا شنقًا بحبل ميزان عدالتهم؛ بسبب الظلم، في أرض مليئة بالحرمان ومرارة الأجداد والأسلاف. لقد وُلدوا في شكل بشري؛ لأن الدم كان يسيل في عروق تاريخ بلادنا. إن الآباء والأمهات الذين تحدثوا عن فتوحات زمانهم سيُخلَّدون في إطار صمت الحب، على الرغم من أنه لم يتم تدوين هذه الفتوحات.

تخليدًا لذكرى الأمهات الثكلي بمناسبة الذكرى السنوية لاعتقال مريم أكبري منفرد

إن الأم تعني الحب والتضحية بالنفس والفداء. فالأمهات اللواتي اكتسب حبهن أبعادًا أوسع من خلال التضحية بأحبائهن، من غير الممكن تدوين مثل هذا الحب في أي ورقة. وأتذكر الأمهات اللواتي صرخن بأعلى صوتهن في وجه كل ما يعيقهن عن الحركة، ومسحوا الغبار عن وجوههن حتى يتعرف الجلادون على أبنائهن في مرايا الذاكرة. وصمدن بمثابرتهن المذهلة وقوامهن الراسخ الذي لم يتخيله الجزارون؛ لفضح اضطهاد السلطة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وأصبحن شاهدات على شرعيتهن التي لا شك فيها، وفيما يلي أمثلة على ذلك:

1- والدة ”مثنى“ (فردوس محبوب) التي أُعدم أبناؤها الثلاثة مرتضى وعلي ومصطفى بمعية عروسته، ناهيد رحماني، وشقيق ناهيد، ناصر رحماني، في عقد الثمانينيات (وألقوا بجثة ناهيد وناصر في بحيرة قم، بسبب وصول الصليب الأحمر ووجود جثث جماعية). وسمعت والدة مثنى نبأ استشهاد شهدائها الثلاثة في السجن، وجُرحت من مخالب القهر التي انقضت على جسدها، ورفعت هذه الأم رقبتها بفخر وظلت تطفو في أفق العالم.

2- وأعدموا أبناء والدة ”عفت شبستري“، رفعت وصغرى خلداي، والجدير بالذكر أنها أصيبت بالشلل في السجن بسبب الروماتيزم. وتم اعتقال نجلها الآخر، قاسم في عام 1980، وأعدموه شنقًا بعد 8 سنوات. وعندما اصطحبوا الأم إلى سرير جثة ابنها، أدارت الأم وجهها عن جثتة وقالت: لن أستعيد الهدية التي قدمتها في سبيل الله. ربما لو كان هناك قدرة على السمع لسمعت صدى صوت سقوطك في القاعة الصامتة للمجرات الشمسية مثل السقوط المفاجئ للحطام.

3- والدة ”جهان آرا“ التي تعرفها إيران بأم الشهداء الثلاثة، لم يرد اسم شهيدها الـ 4 حسن جهان آرا في أي مكان. وكان حسن عضوًا في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وكان أحد الورود الحمراء الخالدة في عام 1988. ولم يسمحوا لهذه الأم بالتحدث عن حسن في أي مكان. والأم التي أهدت أبنائها في سبيل الله من أجل حرية الوطن مضطرة إلى الجلوس وحيدة في عزلتها يملؤها الحزن على حسن. ومع ذلك، فإن صمتها أكثر تعبيرًا من أي كلام بليغ.

4- والدة ”ودود“ الذي استشهد قبل عقد الثمانينيات. أمٌ جابت كل مكان بحثًا عنه. وأثناء البحث عن ابنها في المشرحة؛ تعرفت عليه من قدميه، ودوَّت صرخات قلبها الممزق حزنًا عندما رأت قدمي ودود الباردتين، وعندما عادت إلى الزنزانة قال لزميلاتها الأخريات في الزنزانة: “كانت قدماه متجمدتان، ودَفِئتا عندما وضعتهما على قلبي”.

وهكذا وُلدنا على الشكل البديع للإنسان لنجلس في الربيع لمشاهدة قوس قزح الفراشة، ونكتشف مدى فخر الجبل، وندرك عظمة البحر. في تلك السنوات الضائعة والمستترة التي شهدت قصة أمهاتنا من معاناة لا تصدق من الألم المألوف؛ كانت كل الرحمة في عيونهن، وصوت الصراخ في صمتهن، وهذا الأمر يدعو ضمير العالم للتضامن.

وكانت مذكراتي تنتظر تصفحها منذ ذلك الحين حتى اليوم لتصوير هذا الزمن والبوح بحقيقة مقاومة هؤلاء الأمهات والآباء الذين لم يخشوا الأوقات الباردة والمظلمة. وهذا نوع من الصمود يبهر الإنسان أيَّما إبهار ويُغرقه فيه.

وواصلن مسيرة تحقيق المساواة والحرية في إيران. وكنّ ولا يزالن الأمل الكبير للإيرانيين. وأضفين في التاريخ الإيراني معنى على الكلمات التي لا معنى لها، وأصبحن مرشدات للحرية والتفكير العقائدي بفلسفتهن في الحياة والموت.

إن صرخاتكن لن تذهب سُدى، حيث أن حركة المقاضاة التي نقودها اليوم هي نتيجة لصرخاتكن.

وسوف نشعر في يوم من الأيام بدفء شمس المحبة والأمل والعدالة؛ وهو اليوم الذي يصبح فيه السجن والتعذيب والإعدام من الأساطير، وهو اليوم الذي تشعر فيه إيران بوجودكن.

مريم أكبري منفرد – سجن إيفين – أغسطس 2017

بمناسبة الذكري السنوية لاعتقال مريم أكبري منفرد؛ نرسل السلام والتحية لها ولجميع النساء المناضلات اللواتي صمدن في السجون الإيرانية من أجل التغيير وإرساء الحرية والعدالة.

وبمناسبة الذكرى السنوية الـ 13 لاعتقال مريم أكبري منفرد؛ ندعو جميع النساء الأحرار في العالم إلى الإعلان عن دعمهن لنضال الإيرانيات من أجل إرساء الحرية والمساواة.

Exit mobile version