الشهيدة فاطمه كامياب شريفي

جسورة وملتزمة

 

مواليد: 24 فبراير 1962

مسقط الرأس: «لشت نشاء» التابعة لمدينة رشت

الدراسة: شهادة ثانوية

خلفية نضالية: 33 عاما

سنوات السجن: 4 سنوات

تاريخ الاستشهاد: الأول من سبتمبر(ايلول) 2013

 

ولدت فاطمة كامياب في قرية «لشت نشاء» التابعة لمدينة «رشت» ودرست في طهران. انها ترعرعت في عائلة متوسطة. ومنذ أيام الدراسة في الثانوية كان ذهنها الباحث يحثها على ادراك حقيقة الحياة والوصول الى طريقة لحل مشكلات المجتمع. وتعرفها على منظمة مجاهدي خلق وقضيتها كان نقطة انطلاق لتغيير مسار حياتها ودخولها ساحة النضال. 

وأثناء الثورة ضد الشاه عام 1979 كانت دائما في الصفوف الأمامية للمتظاهرين ولم تعرف الكلل ولا حتى الهدوء.  

وبعد انتصار الثورة، بدأت فاطمة نشاطها في الجمعيات المناصرة لمجاهدي خلق في مختلف مناطق طهران العاصمة منها منطقة «خزانه». وأثناء عرضها نشرة مجاهد للمواطنين تعرضت خلال هذه المدة أكثر من مرة للاعتداء والضرب المبرح من قبل عناصر الحرس و«حزب اللهيين». ولكن في كل مرة عادت وواصلت نشاطها بمزيد من الحماس. وكانت تقول: «هذه الاعتداءات لم تثن ارادتي لأنه من الضروري أن نطلع المواطنين على المعتقدات الرجعية للملالي».

وأثناء تظاهرة 9 يونيو 1981 في ساحة «توبخانه» وسط طهران، اعتقلت فاطمة مع 80 فتاة أخرى كان معظمهن طالبات المدارس وفي أقل من 18 من عمرهن وتم نقلهن الى سجن «اصطبل» [1] .  واحتجاجا على اعتقالها غير القانوني لم تكشف فاطمة عن هويتها لأزلام النظام كما لم تستطع أجواء معتقل «اصطبل» وبكل قساوتها التأثير على إرادتها في الدفاع عن الحرية.

وفي 8 فبراير 1982 أعدم النظام شقيقها الأصغر «بيجن» الذي لم يتجاوز الـ17، فزاد من عزم فاطمة لاستمرار النضال ضد الديكتاتورية الدينية الحاكمة.

وفي يوليو 1982  تم نقل فاطمة الى سجن قزلحصار بالقرب من مدينة كرج. وما ان دخلت السجن، عُرض عليها اطلاق سراحها شريطة اجراء مقابلة تلفزيونية واظهار تهم كاذبة ضد المنظمة. غير أنها رفضت ذلك، فمن أجل مزيد من الضغط عليها تم نقلها الى «العنبر العقابي» رقم 8 في سجن قزل حصار[2]

الا أن فاطمة أبدت مقاومة رائعة حيال الظروف القاسية في العنبر وسخرت من المضايقات وأعمال القمع بابتسامتها المألوفة. و تقول زميلاتها في السجن في وصفها: «كلما نرى فاطمة نشعر بأنها تطمح الى عالم مليء بالأمل خلف القضبان، وأننا لم نرَ في عيونها غبار التعب أو وطأة التعذيب. فكانت قليلة الكلام ولكن كلماتها كانت تحتوي على مضامين كبيرة».

وبذلك قضت مدة عام ونصف العام في العنبر8. وكان الجلادون عجزوا أمام مقاومتها. وبعد عام ونصف اعتقدوا في ظنهم الخائب بأن حالة التوحد والصمت في الزنزانة تجعلها راكعة، فنقلوها إلى زنزانات انفرادية في جوهردشت ولكن عاصفة الهياج التي اجتاحت وجودها، لم تبقِ سببا للصمت في الزنزانة.  

ورغم أن الحكم الصادر على فاطمة كان الحبس لمدة عام واحد، إلا أنه أطلق سراحها بعد ثلاثة أعوام أي في العام 1985 من السجن. وكانت عودتها إلى أحضان الأسرة، جعلتها أمام انتخاب جديد لطريق النضال. وكان والدها وبسبب حبها لفاطمة، لاسيما بعد فراق طال أربع سنوات، يتمنى أن يحتفظ بها بجانبها إلى الأبد، غير أنّ فاطمة التي شهدت طوال أربع سنوات من عمرها في الحبس، جرائم النظام بحق الفتيات والنساء السجينات وأعمال التعذيب والإعدام بحق مجموعات من سجناء مجاهدي خلق مرات عدة، قد رسّخت عزمها لمواصلة النضال والدرب الذي سار حقا هؤلاء الشهداء كلهم ، بدفع حياتهم من أجله.

وبعد الإفراج عنها من السجن، لم تمكث ولو للحظة، فبدأت تبحث عن طريق لإيصالها إلى صفوف المقاومة، وبفعل هذه الجهود تمكنت أخيرا في العام 1987 من الالتحاق بالمنظمة والوصول إلى معقل المقاومة في أشرف، فأصبحت مفعمة بالطاقة كأنها قطرة اتصلت بالبحر، وبدأت صفحة أخرى من حياتها النضالية.

وخلال هذه المدة، إنها كانت دائما واحدة من النساء المتميزات التي صارت قدوة للصبّر والصلابة في شق طرق الصعاب والإقدام على قبول المسؤوليات الجسيمة. فوجها الهادئ وابتسامتها كان يبعث الاطمئنان لدى زميلاتها في خوض أعمال الصعبة والمستحيلة ظاهريا. إنها وبتصبّرها والمثابرة أثبتت طاقة المرأة المجاهدة في حل المشكلات التي تحف طريق النضال.

ومن السمات البارزة لديها، كان حبّها لزميلاتها، وتعاطفها معهن. وكانت بين جمع صاحباتها شاخصا للمتانة وضبط النفس، والصلابة والحشمة في تنفيذ الأعمال والمسؤوليات.

فهذه السمات البارزة التي كانت تتحلى بها فاطمة، قد صنعت منها عنصرا مسؤولا معتمدا، يمكن الاتكاء به في كل الظروف، خاصة في مرحلة الصمود لعناصر مجاهدي خلق في أشرف، حيال الحصار وهجمات العدو.  

وهذه البطلة وفي آخر محطة من حياتها الثريّة، كانت في عداد مئة مجاهد بقوا في أشرف. وبلغت جسارتها وصمودها ذروتها في ملحمة الأول من سبتمبر 2013 في أشرف عندما أوفت بعهدها وبقت صامدة حتى آخر قطرة دمها ولو أن جسمها أصبح هدفا لرصاصات العدو، إلا أن دمها ازدهر وزف ببشرى نهاية شتاء وظلمة الملالي وحلول الربيع في ايران.   

إنها أصبحت الآن نبراسا في ملحمة أشرف بوجه مطمئن وابتسامة جميلة وهي ترفع راية الصمود والشموخ للمرأة الايرانية على مدى التاريخ.

[1] كان سجن اصطبل في بستان يتعلق بأحد جنرالات الشاه باسم «جهانباني» حيث صادرته قوات الحرس وحولتها الى السجن حيث تم نقل طالبات المدارس اليه للتعذيب. ويقع الاصطبل بين مدينتي طهران وكرج. وكان هذا المكان يستخدم لممارسة محاكاة الاعدام للسجناء.  

 

 

[2]  العنبر العقابي رقم 8 كان يشمل زنزانات انفرادية وكانت سعة كل زنزانة لسجين واحد فقط، غير أن لاجوردي (كبير الجلادين) و حاج داوود (رئيس سجن قزلحصار سيئ الصيت) قد أدخلا في هذه الزنازين لحد 25 سجينا بحيث كان السجناء مضطرين أن يناوبوا في النوم والجلوس والوقوف.

Exit mobile version