النساء العاملات في إيران يعشن في ظروف الاسترقاق الحديث

النساء العاملات في إيران يعشن في ظروف الاسترقاق الحديث

يوم الأول من مايو، يمثل يوم العمال العالمي وهو فرصة للدفاع عن العدالة والمساواة وحقوق الإنسان للعمال، الذين تعتمد الرفاهية والراحة في المجتمع بأسره على معاناتهم. لا تتمتع النساء العاملات في إيران بحقوقهن الأساسية وتوصف ظروف عملهن في أفضل حالة بأنها ««نظام الرق الحديث».

لم يترك الملالي أي منفذ للدفاع عن حقوق العمال، حيث لا يتم دفع رواتبهم لشهور وأحيانًا أكثر من عام. يجب على العمال الاقتراض لتوفير ضروريات معيشتهم والدفع الإضافي لكل شهرمن أجله وبيع  الكلى، أو إذا شعروا بالإحباط من أي حل، فيحرقون أجسادهم.

في مثل هذه الحالة، يكون وضع النساء العاملات في إيران أكثر بؤسًا لأن النساء يواجهن بشكل منهجي التمييز والاضطهاد المضاعف في جميع المجالات، بما في ذلك القانون والوظيفة وسوق العمل.

لم يعتمد النظام الإيراني، وهو عضو في لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة ، أيًا من الإجراءات الموصى بها لتحسين والتمكين الاقتصادي للمرأة ، بل يتحرك في اتجاه عكسه.

بدلاً من إزالة «الحواجز الهيكلية والقوانين التمييزية» وخلق «فرص اقتصادية متساوية» فإن النظام الإيراني يقوم بالمزيد من التمييزضد النساء وتهميشهن المتزايد.

ويعبرعلي خامنئي الولي الفقيه لنظام الملالي بصراحة النظرة السائدة على هذه القوانين: «خلق الله المرأة لغرض معين من الحياة …العمل  ليس من الواجبات الرئيسية للمرأة».

بالنتيجة بوجود هكذا رؤية وقوانين فإن النساء اللاتي هن بحاجة إلى كسب المال من أجل عيشهن وأسرهن يجبرن حتماً على التخلي عن أي وظائف ذات دخل منخفض وظروف عمل شاقة في ورش عمل صغيرة، لا تشمل حقوق العمال ولا يحظين العمال بأي الدعم القانوني والتأمين والأمان فيها. وشبه بعض الخبراء ظروف العمل القاسية للعاملات «بنظام الإسترقاق الحديث».

 

المشاكل الرئيسية للنساء العاملات في إيران

يشمل من بين مشاكل النساء العاملات في إيران هي انخفاض الأجور، وانخفاض درجات الوظائف، وانعدام الأمن الوظيفي.

وكانت المؤسسات المالية لمعهد بحوث الضمان الاجتماعي للنساء، قد خصصت 80 ٪ من النساء العاملات دون التمتع بالتأمين  في العام 2017.

ووفقا لدراسة نشرتها المؤسسات الحكومية الرسمية، في عام 2017 ،كانت النساء قد خصصت 80 ٪ من النساء العاملات دون التمتع بالتأمين  في العام 2017.

في التقريرنفسه الذي نشرته وكالة أنباء «إرنا» الرسمية يوم 28 أبريل 2019 ، كانت النساء أول ضحيات لأي أزمة اقتصادية.  عندما يتم تنفيذ برنامج الفصل أو التعديل ، تكون النساء في المرحلة الأولى، ويعتقد الكثير من أصحاب العمل أن النساء أقل كفاءة في حالة الزواج والحمل ويتم تسريحهن رغم مهاراتهن وخبراتهن اللازمة»

ووفقا للتقريرأن النساء يشكلن 65.9 % من إجمالي جيش العاطلين عن العمل.

 

ظروف بيئة العمل للعاملات

تختلف ظروف العمل للعاملات في إيران اختلافًا كبيرًا عن ظروف عمل نظرائهن من الرجال. ومشاركة المرأة في الحركة العمالية لا يتم الاهتمام بها وهن يتعرضن للاضطهاد في صمت وظلام.

تتعرض النساء لاضطهاد مضاعف يعود سبب بعض ذلك إلى أن قوانين النظام الإيراني تمنح الرجال أولوية التوظيف والعمل.

وفي المقابل تشكل النساء جزءًا كبيرًا من القوى العاملة في ورشات العمل غير الرسمية التي لا تخضع لسيطرة الحكومة وهذه الورش مسموح لها أن تدفع أجورًا أقل لعمالها ولا تدفع أي مخصصات أو مستحقات التأمين لهن. فالنساء اللواتي يستعدن لاي عمل من أجل توفير حاجيات أسرهن يتم تصيدهن على نطاق واسع من خلال ورش العمل هذه.

يقوم عدد كبير من النساء ببيع عملهن بسعر منخفض جداً دون اعتبارهن أو احتسابهن عاملات. انهن يقضين ما بين 10 و 12 ساعة في منزل لإلصاق الغراء على ظروف أو عملية  نصب الخرز المطرز وأجورهن اليومية ليست سوى 5 آلاف تومان. لا تملك هؤلاء النساء حتى صاحب عمل محدد، ويتم بيع عملهن من خلال وسطاء، مما يصب معظم دخلهن في جيوبهم.

وفي الوقت نفسه يعد وضع العمال الإيرانيين ساحة محظورة. لا تتناول  التحقيقات والإحصائيات القليلة التي تنشر من حين لآخر عدد النساء والقضايا التي تخضع للظروف في المجتمع الذكوري بموجب قوانين النظام المليئة بالتمييز.

 والجدير بالذكر بمناسبة اليوم العمال العالمي الأول من مايو تم نشرعدد من التقارير والمقابلات في وسائل الإعلام الإيرانية سواء حكومية او غيرحكومية ، والتي تعطي صورة  إلى حد ما عن  الوضع المزري للعاملات.

ظروف الاسترقاق الحديث

اعترفت «معصومة ابتكار» مساعدة روحاني  في شؤون المرأة والأسرة ، بأن «المرأة لديها أكبر حصة في التوظيف غير الرسمي».

وذكرت وكالة أنباء «ايرنا» الرسمية أن العمل غير الرسمي يشمل وظائف خارج الهياكل الرسمية، أو بعبارة أخرى العمل في وحدات لم يتم تسجيلها أو تم إبقاؤها سرا من  سيطرة الحكومة. عليرغم من الأشخاص الذين يعملون في وظائف غير رسمية يجعلهم في الإحصاءات إلا انه لا يخصص لهم التأمين الصحي وتأمين التقاعد.

كما اعترف «علي رضا محجوب» ، الأمين العام لبيت العامل (مؤسسة حكومية) وعضو في اللجنة الاجتماعية لشورى النظام  بأن «النساء لديهن نسبة عالية من البطالة» و«نسبة المشاركة الاقتصادية للنساء ليست ملحوظة (وكالة أنباء «ايرنا» الرسمية-28أبريل 2018)

وأيد في تجمع آخر عقد في مدينة قم يوم 30 أبريل 2018 «أحمد أمير آبادي فراهاني» ، عضو مجلس إدارة لشورى النظام  أن ظروف عمل للنساء العاملات هي «عبودية جديدة». وقال «الاجحاف في بعض مراكز الإنتاج ضد النساء في دفع الأجور و زيادة ساعات العمل هو العبودية الجديدة

وأضاف أميرآبادي: «إحدى النقاط التي تؤلمنا ولسوء الحظ موجودة  على مستوى المحافظات هي وجود النساء دون رواتب كافية في مراكز الإنتاج…  لقد زرت هذه المراكز وهناك بعض النساء يعملن أكثرمن ساعات العمل القانوني ويتلقين رواتب منخفضة.

واعترف في جانب من تصريحاته بأن النساء والفتيات «يذهبن إلى مراكز الإنتاج منذ الصباح الباكر ويعملن لمدة تصل إلى 12 ساعة مع رواتب ضئيلة تبلغ 400 ألف تومان”. (وكالة أنباء «ايسنا» الحكومية – الأول من مايو2018). ويذكر ان الحد الأدنى للأجور هو مايقارب مليون و100 ألف تومان وخط الفقر 6 ملايين تومان.

 

عدم المساواة في الأجور والأمن الوظيفي والتأمين للعاملات

في مقابلة مع وكالة أنباء«إرنا» الرسمية للنظام يوم 3 مايو 2018 أشارت مسؤولة حكومية أخرى بشأن الوضع الكارثي للنساء العاملات في محافظة قزوين، شمال غرب طهران.

وأكدت «فاطمة بورنو» سكرتيرة النقابة العمالية النسائية في قزوين  وهي مؤسسة حكومية قائلة: «لا تتساوى العاملات من حيث الأجور مع الرجال على الرغم من حقيقة أنهن يعملن إلى جانب الرجال في وحدات الإنتاج. إن عدم معرفة الحقوق القانونية بين هؤلاء النساء العاملات جعلن هؤلاء لا يملكن أي معلومات حول دفعاتهن التأمينية في ورقة الرواتب ، وهن لا يقبلن تقديم شكوى خوفا من فصلهن عن العمل من قبل صاحب العمل».

وأضافت في جانب آخر من تصريحاتها قائلة: الاتفاقيات المؤقتة على مدى العقود الثلاثة الأخيرة أدت إلى حرمان العاملات من الأمن الوظيفي. أحيانا  صاحب العمل يتصرف ازاء أصغر خطأ من قبل العاملات  تصرفا سيئا . وكثيراً ما تكون نساء مجتمع الطبقة العاملة من المعيلات  وفي الوقت نفسه يواجهن ساعات طويلة من العمل  لكن الكثير من الحقوق والمخصصات لا تمنح لهن.

كما أشارت إلى أن غالبية العاملات هن معيلات وأضافت: «هناك العديد من الفتيات اللواتي بسبب انخفاض الضغط المالي من الأسرة ومساعدة الوالدين يعملن  في وحدات الإنتاج ويتحملن ظروفا شاقة في العمل في ورشات العمل والمصانع. (وكالة أنباء «إرنا» الرسمية – 3 مايو 2018).

وقال مسؤول حكومي آخر يدعى «عبد الله بهرامي » المديرالتنفيذي العام لاتحاد منتجي السجاد اليدوي في 16 أيار/ مايو 2018: النساء يشكلن غالبية نساجي السجادات في البلاد واذا أردت أن أقول حسب النسبة السيدات يشكلن 70٪ من نساجي السجاد.

وأشار«بهرامي»  في مقابلة مع وكالة أنباء «ايلنا»يوم 16 مايو 2018 إلى أن 320،000 من أصل مليون  نساجي السجاد في البلاد يغطيهم التأمين فقط. مضيفا : نسبة كبيرة من حائكات السجاد تتشكل من النساء المعيلات.

 

فقدان قوانين لدعم

إن عدم وجود قوانين لدعم العاملات والاستخدام الشائع للعقود المؤقتة خلقت وضعا أكثر صعوبة بالمقارنة  بالرجال. . يشكو عدد من العاملات في محافظة قزوين من العمل في ظروف قاسية ومضاعفة غير متطابقة بجسدهن وقدراتهن.

وكانت «زهراء برهيزكاري» وهي خريجة في القانون، عاطلة عن العمل مؤخراً بسبب إغلاق خط إنتاج المعمل الذي كانت تعمل فيه. وفي مقابلة مع وكالة أنباء «إرنا» الرسمية اشتكت من ظروف العمل الشاق في وحدات الإنتاج للنساء. وفي حين أشارت إلى السلوكيات غير اللائقة لبعض أصحاب العمل مع العاملات ، فقد عاتبت بعدم وجود قوانين داعمة ونقص في فرصة عمل للنساء مما جعل الفرد حتى مع شهادة جامعية ، مجبرا على العمل في بيئة غير ملائمة لدراسته ونوعه.

ووصفت «حديثة رستمي» هي شابة أخرى عاطلة عن العمل بسبب إغلاق المصنع بأن ظروف العمل «ذكورية للغاية» مضيفة: على الرغم من العمل المتساوي مع الرجال ، نحصل على أدنى الرواتب والمزايا …

وللأسف ، في الوحدات الإنتاجية بين العامل الذي عمل لسنوات عديدة على خط الإنتاج مع العامل الذي جاء للتو إلى ورشة العمل ، فإنهما لا تختلف من حيث الأجور.

كما اشتكت السيدة رستمي استخدام العنف والتمييز ضد المرأة من جانب بعض أصحاب العمل والوضع الصحي السيئ للمرأة في وحدات الإنتاج. وقالت إن تعديلات العمال ضاعفت من الضغوط على القوى الأخرى ، ثم إضطرت العاملات إلى القيام بمزيد من الأشياء التي لا تكون ذات صلة بقدر قوتهن البدنية. (موقع آريا نيوز شبة حكومية 3 مايو2018).

 

القوة العاملة الأضعف في سوق العمل

كانت النساء هي الفئة الضعيفة في سوق العمل الإيراني دوما.

كما ظهرت في التصريحات والاعترافات الحكومية وبعض التقارير فإن النساء هن أول ضحيات لأية مشكلات وتحديات اقتصادية ، وهن أول من يخضع لتعديلات في القوى العاملة. تعتبر المرأة بمثابة عامل من الدرجة الثانية وتخضع لحقوق غير متكافئة في مجال العمل المتساوي.

المشاريع التي تم تقديمها في السنوات الأخيرة في شكل زيادة مدة الاجازة للانجاب العاملات أو خفض ساعات العمل للنساء ذوات الاحتياجات الخاصة قللت في الواقع من رغبة أصحاب العمل في توظيف النساء ومنحت ذريعة لأصحاب العمل بعدم توظيف النساء وإذا تم توظيفهن فإن أمنهن الوظيفي تتعرض للتهديد إذا كن متزوجات أو حوامل.

وتشكل النساء أيضا الجزء الرئيسي من القوى العاملة في المؤسسات الصغيرة التي يقل عدد العاملين فيها عن 10. هذه المؤسسات  معفاة من قانون العمل ولا تخضع لسيطرة الحكومة. وتم إطلاق على هذه المؤسسات القطاع غير الرسمي أو «الاقتصاد الرمادي»

وتُجبر النساء العاملات في الاقتصاد الرمادي والقطاع غير الرسمي على العمل دون الرقابة  مع الحد الأدنى من الرواتب وبدون أية فوائد قانونية ، بما في ذلك  تأمين التقاعد والتأمين الصحي. ويمكن شطب نفس النساء اللاتي يشكلن قوة العمل غير الرسمية واللاتي يتقاضين الحد الأدنى للأجور والمرتبات من هذا السوق ، ويخضعن دائما للبطالة ، حتى بدون أية إعانات بطالة. وإلى جانب هذا الأمر، فإن هذه المؤسسات  الصغيرة هي المجموعة الأولى من وحدات الإنتاج التي تغلق في التقلبات الاقتصادية.

وبالنظر إلى زيادة نسبة النساء في القوى العاملة في المؤسسات الصغيرة ، يمكن الاستنتاج أنه في السنوات الأخيرة ، كانت البطالة في نسبة عالية بين النساء في المصاعب الاقتصادية. تدفع هذه الحالة النساء إلى عقود مؤقتة باعتبار مصدر رزق لهن.

ووفقاً للتقديرات الأخيرة  يعمل 85%من عمال البلاد  على اساس التعاقد في الشركات. وبينما لا يوجد تقرير رسمي عن حصة المرأة من إجمالي العمال التعاقديين ، تشير التقديرات إلى أن حصة المرأة أعلى من حصة الرجل في مجال العمل التعاقدي.

وكما ذكر سابقا من قبل مسؤول النظام ، في بعض وحدات الإنتاج في إيران ، لا يمكن وصف ظروف عمل المرأة إلا ب«الرق الحديث».

Exit mobile version