النساء، المحرّك الأساسي للاحتجاجات والانتفاضة في إيران
خلال الشهر الماضي، شهدت إيران احتجاجات واسعة من قبل كل شرائح المجتمع. وكشفت هذه الانتفاضة النقاب عن الحالة الهشة للنظام ومازالت تأثيراتها مستمرة على الشارع الإيراني الطافح كيل صبره من النقمات. ويرى المراقبون أن الوضع لن يعود إلى ما كان عليه قبل الانتفاضة.
إن موجة الاحتجاجات انطلقت في 28 ديسمبر من مدينة مشهد وسرعان ما انتشرت خلال بضعة أيام إلى أكثر من 140 مدينة في أرجاء البلاد وتواصلت لمدة اسبوعين. وكان للنساء دور لافت حيث أبدين شجاعة قل نظيرها. لم تشارك النساء في كل الساحات فحسب، وانما لعبن دورا قياديا وتحفيزيا.
وتم التأكيد لهذه الحقيقة من قبل أحد قادة قوات الحرس. وقال رسول سنايي راد المساعد السياسي لقوات الحرس في صلاة الجمعة بطهران: «80 بالمائة من المعتقلين هم دون 30 عاما وبينهم عدد من النساء حيث تم اعتقالهن. في عقد الثمانينات من القرن الماضي، اولئك الذين كانوا يقودون الاحتجاجات في الشارع للمنظمة (مجاهدي خلق) كان أغلبهم من السيدات والآن أيضا السيدات كن يشكلن الحلقة الرئيسية للتحفيز والانطلاقة. وكمثال كانت هناك أربع سيدات قد جعلن الوضع مضطربا في مدينة ايلام». (موقع جهان نيوز الحكومي 27 يناير2018).
وكان رد النظام الإيراني كعادته على هذه الاحتجاجات الواسعة القمع وحملات الاعتقال الواسعة.
ممارسة الضغط والمضايقات على السجينات الصامدات
خلال أيام الانتفاضة، حاولت النساء السجينات اللاتي يقضين أيام الحبس خلف قضبان السجن بسبب نشاطاتهن للدفاع عن حقوق الإنسان، إعلان دعمهن وتضامنهن مع الشعب المنتفض بأي طريقة ممكنة. ومن بين هؤلاء السجينات الصامدات، أعلنت «آتنا دائمي» و«غولرخ ايرايي» من خلال بث رسائل تحفيزية عن تضامنهما مع المحتجين.
وكتبت آتنا دائمي: «اذا تعتبر مطالبتكم بالحرية والحق، جريمة، فإني مجرمة بكل فخر وأنا بجانبكم». وأضافت: «هذه الأعمال القمعية والقتل هي ثمن الحرية يجب دفعه ونحن ندفعه!».
غولرخ ايرايي هي الأخرى دعت الشباب إلى استمرار حضورهم ووقوفهم ودفع ثمن الحرية وكتبت تقول: «في هذه الأيام، المهم استمرار المشاركة والمضي قدما إلى الأمام بكل وعي والصمود أمام الخوف والرعب. ان نهاية الطريق في متناول اليد بكل يقين إذا ما أردنا ونؤمن به».
وبعد نشر هذه الرسائل، تم استدعاء هاتين السجينتين الشجاعتين يوم 16 يناير إلى النيابة العامة في سجن ايفين. ورفضت آتنا وغولرخ المثول أمام المحكمة بسبب عدم تلقيهما ورقة خطية وعدم تحديد سبب الاستدعاء.
وتكررت استدعاءات مماثلة أربع مرات وفي كل مرة رفضت هاتان السجينتان الشجاعتان هذا الاستنطاق غير القانوني. إلى أن تم نقلهما يوم الأربعاء 24 يناير بعد فتح ملف جديد ضدهما إلى العنبر 2- ألف لقوات الحرس للتحقيق معهما. وقاومت هاتان السجينتان مرة أخرى وامتنعتا عن الخضوع للاستنطاق. واعتدت عناصر قوات الحرس عليهما بالضرب المبرح والشتم ونقلتهما عنوة وبشكل غير قانوني إلى سجن قرجك بوارمين.
علما أن سجن قرجك بورامين هو موقع احتجاز السجناء الجنائين والخطرين تسوده ظروف قاسية دون رعاية مبدأ تفكيك السجناء حسب جرائمهم. ويتم نقل السجناء السياسيين إلى هذا السجن لغرض معاقبتهم وتعذيبهم نفسيا وجسديا.
وبعد هذه الممارسة غير القانونية من قبل قوات الحرس، انطلقت احتجاجات لدعم هاتين السجينتين الصامدتين.
وللاحتجاج على تعرض هاتين السجينتين للاعتداء بالضرب المبرح ونقلهما إلى سجن قرجك بورامين، كتبت عائلة السجينية السياسية آتنا دائمي رسالة إلى السيدة عاصمة جهانغير المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان بشأن إيران وطالبتها ببذل الجهد لإطلاق سراح السجينة آتنا.
كما أضرب السجينان السياسيان «آرش صادقي» زوجة غولرخ و«سهيل عربي» عن الطعام للاحتجاج على هذه الممارسة التعسفية وغير القانونية ودعما لغولرخ وآتنا.
اعتقالات واسعة وأعمال تعذيب ومضايقات ضد النساء المحتجات
لم تتوان القوات القمعية عن ممارسة الأعمال التعسفية والوحشية خلال الانتفاضة. في يوم السبت 20 يناير دهست عناصر قوى الأمن الداخلي في رباط كريم بعجلتها إحدى النساء المحتجات من المواطنين الذين نهبت أموالهم.
وفي يوم 15 يناير أخذت قوات الأمن والدة ناشط طلابي في تبريز رهينة لإجبار الناشط الطلابي تقديم نفسه إلى الأمن بينما هذا الطالب الجامعي في تركيا وتعاني والدته من مرض القلب.
وخلال الانتفاضة العارمة في إيران قامت القوات القمعية باعتقالات واسعة شملت مئات من النساء.
وعشرات من طالبات الجامعات هن من بين المعتقلين. اعتقال «توران مهربان» و«ليلا حسين زاده» و«فائزه عبدي بور» و«ياسمين محبوبي» و«سها مرتضايي» و«نغين آرامش» و«ندا أحمدي» و«سبيده فرهان» تم تأييدها من قبل لجنة المرأة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. ولكن اثر الاحتجاج وعمليات التعرية من قبل العوائل والأصدقاء، تم اطلاق سراح «فائزه عبدي بور» و«ليلا حسين زاده» و«توران مهربان».
وأكدت وسائل الاعلام الحكومية في إيران في أخبار متفرقة اعتقال مالايقل ع ن 21 امرأة خلال 9 أيام من الانتفاضة.
ست نساء لعبت ثلاثة منهن دورا حاسما في الاحتجاجات حسب رئيس شرطة قضاء رباط كريم، في مدينة برند، و14 امرأة في أراك وامرأة في ساوه هن من ضمن النساء المعتقلات التي أعلنت وسائل الإعلام الحكومية أخبارها. ولكن بالطبع العدد الحقيقي أكثر بكثير من ذلك.
الاعتقالات متواصلة بعد أيام التظاهرات ولحد الآن. مالايقل عن 7 نساء في سقز، ومالايقل عن 7 نساء كرديات في مدن اروميه وكرمانشاه وايلام وامرأتان في مدينة مشهد من بين المعتقلين خلال الأيام التي تعاقبت الانتفاضة. وتقول التقارير أن عددا غير معلوم من المعتقلين يقبعون في معتقلات سرية أو في معتقلات دائرة المخابرات وقوات الحرس قيد الاستجواب.
كما تفيد تقارير مصادر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية داخل إيران أن مالايقل عن 400 امرأة هن ضمن المعتقلين خلال المظاهرات الأخيرة في مدينة ايذه. في بعض الحالات تم حجز جميع الأفراد لعائلة سجين. فمعظم النساء المعتقلات في هذه المدينة يتم حجزهن في معسكر لإقلاع الإدمان وهن قضين أيام الحجز دون الماء والطعام.
من جهة أخرى لم تصل متابعات عائلة إحدى النساء المعتقلات وهي «سبيده فرهان» (فرح آبادي) لإطلاق سراحها إلى نتيجة وقيل لها ان ابنتها لم يتم الإفراج عنها حاليا. كما إنها محرومة من الحق الأساسي للوصول إلى محام واللقاء بالعائلة. ولحد الآن قتل عشرات من المتظاهرين المعتقلين في السجون.
ودعت مريم رجوي في الحملة الدولية الواسعة، كل الدول الديمقراطية إلى ممارسة الضغط لإطلاق سراح جميع المعتقلين خلال الانتفاضة لاسيما النساء المعتقلات اللاتي يتعرضن للتعذيب وهن يواجهن خطر الاعدام.
كما ان لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هي الأخرى أطلقت وفي نداءات عديدة حملات تطالب بإطلاق سراح السجينات السياسيات ومعتقلي الانتفاضة وهي بحاجة إلى دعم كل النساء الحرائر في أرجاء العالم.
[pdf-embedder url=”https://women.ncr-iran.org/ar/wp-content/uploads/2018/02/images_monthlies_Monthly_Jan2018_AR.pdf”]