”بروين كوهي“: رأسي المال الوحيد هو العهد الذي قطعته بيني وبين شعبي ومنظمتي

”بروين كوهي“: رأسي المال الوحيد هو العهد الذي قطعته بيني وبين شعبي ومنظمتي

كل أولئك الذين شهدوا حالات صمود ”بروين كوهي“ في السجن يصورون مشهدًا صادمًا لها في جملة قصيرة: «كانت”بروين“  قد تعرضت للتعذيب لدرجة  حيث جلبوها في بطانية…». 1

”بروين كوهي“56 عامًا، من مدينة شهر كرد، إحدى من أجمل المدن في إيران، تقدم نفسها على النحو التالي:

لقد ولدت وترعرعت في عائلة من الطبقة المتوسطة في مدينة شهركرد. كنا 3 شقيقات و 4 أشقاء انا الاكبر بينهم.

كنت في السادسة عشرة من عمري عندما كانت إيران تمر بأيام الثورة ضد الشاه.

في ذلك الوقت، كانت القراءة والمناصرة للمجموعات السياسية منتشرة على نطاق واسع بين الشباب والطلاب.

من خلال قراءة  نص مرافعات مهدي رضائي، الوردة الحمراء للثورة المضادة للملكية، تعرفت على منظمة مجاهدي خلق. وازداد هذا التعارف بعد أن دخلت الجامعة، لذلك في عام 1979، في جامعة اصفهان، أسست  العلاقة مع جمعية الطلاب المسلمين ودخلت في نشاط أكثر احترافية.

وللأسف، كانت فترة الثورة والحرية بعد دكتاتورية الشاه قصيرة جدًا وعابرة لأبناء الشعب الإيراني ولطلابنا. منذ بداية حكمه، قام خميني بقمع واعتقال وحظر تنفيذ الأنشطة السياسية الحرة.

لهذا السبب، بعد فترة وجيزة من  وقوع الثورة، كانت السجون ومراكز الاعتقال مليئة بالشباب، والشابات مثلي وصديقاتي الذين كانت مهمتهم الوحيدة هي الدفاع عن الحرية.

اعتقال وسجن

سألنا ”بروين كوهي“ متى وكيف تم اعتقالها. هي قالت:

أتذكر، يوم الأحد 2 مايو 1982، الساعة 2:15 بعد الظهر، تم اعتقالي. كان عمري 20 سنة. لا أنسى لحظات الاعتقال.

بسبب وجود معلومات تنظيمية، كان لديّ خوف وقلق في قلبي.

وتم نقلي إلى سجن إيفين بعد فترة وجيزة. بقدر ما أتذكر، كنت في سجن إيفين الساعة 2:30 بعد الظهر. تم استجوابي على الفور. الموقع، الطابق السفلي 209 من إيفين، كان جزءًا تابع لقوات الحرس.

في اليوم الأول من اعتقالي، تعرضت للتعذيب الشديد. كان الغرض من التعذيب هو الحصول على معلوماتي قدر الإمكان؛ على العكس، قاومت، وأنا أعلم ذلك.

لحظات هذه المشاهد لا يمكن التعبير عنها بالمفاهيم والكلمات…

ربما يمكن القول إنه كان صراعًا بين الاستسلام والصمود، بين العدو والمثل الأعلى …

ولم يكن لديّ سوى أصل واحد: العهود التي صنعتها في قلبي وروحي بيني وبين شعبي ومنظمتي.

الألم ظاهرة يفهمها جميع البشر جيدًا. خاصة عندما تنزل ضربات الكابل واللكمات والركلات الواحدة تلو الأخرى على ساقيك وظهرك ورأسك وجسدك بالكامل، فأنت بحاجة إلى إيمان قوي وتأكيد على أن إرادتك يمكنها التغلب على كل تلك المصاعب والآلام والبكاء الشديد.

إذا سألتني ما هي أحلى ذاكرتي أو أكثرها ذكرا، أخبرك باللحظة التي تم فيها فتح قيودي من السرير بعد انتهاء ساعات من التعذيب وفشل المحققون، للحصول على المعلومات، والاستسلام، والتعب والعجز، وتم زجي إلى العنبر.

في تلك اللحظات، على الرغم من جسمي المؤلم والدموي، شعرت بثقة وصلابة غريبتين في نفسي، وكنت مقتنعاً بأنه لا يوجد عدو أو محترف التعذيب يمكن أن يتحدى إرادتي وإيماني.

إني كنت «المنتصرة».

إعادة الانضمام إلى المقاومة

بعد فترة، تم إرسال ملفي إلى مكتب المدعي العام. في ذلك الوقت، كان ”لاجوردي“  مسؤولاً هناك، وقام بالعديد من الاستجوابات.[1]

لبعض الوقت، قبعت في الحبس الانفرادي في سجن جوهردشت بمدينة كرج، بعد ذلك، قضيت فترة في الحبس الانفرادي بسجن إيفين وسُجنت في سجن اصفهان لمدة عام تقريبًا.

في سجون خميني، لم يتصور أحد البقاء وفترة الإفراج عن السجن، لكن منذ صدور الحكم عليّ، كنت أفكر كثيرًا في كيفية وصولي إلى صفوف المقاومة، وكنت أبحث عن أسرع طريقة للانضمام إلى المنظمة.

أخيرًا، أخبرت شخصين أو ثلاثة أشخاص بأننا نعرف بشكل أفضل في السجن وكنا على دراية بالوضع الذي يمكنهن من الانضمام إلى قواعد المقاومة، ويمكنهمن إعطائي رمزًا على الراديو.[2]

وبعد إطلاق سراحي من السجن عام 1988، حدث نفس الشيء.

وبسبب نفس رمز الراديو الذي أرسلته إلى المنظمة من خلال صديقاتي في أواخر يوليو 1989، جاء ساعي من المنظمة إلى منزلنا لمساعدتي على مغادرة البلاد، وبفضل ذلك الساعي، تمكنت من مغادرة البلاد ووجدت نفسي في قواعد المقاومة في خارج سلطة النظام.

لم أخبر أفراد عائلتي بذلك في اليوم الذي قررت فيه المغادرة. طمأنتهم أنني إذا عدت إلى المنزل متأخرة، فلن يكونوا قلقين بشأن الاعتقال والسجن، وسأتصل بكم. ثم، بحجة  زيارة صديقاتي، غادرت المدينة وقمت بمغادرة البلاد.

مرت 29 سنة على ذلك اليوم …

أمانة من الصديقات

من بين صديقاتي اللواتي  بدأنا أنشطتنا السياسية معًا في أحد الأيام، نجت 4 فقط والآن نحن في أشرف الثالث معًا.

أتذكر بعض الوجوه الطيبة في سجن إيفين اللواتي لسن معنا اليوم و ضحين بحياتهن من أجل الحرية وهن: ”بروين حائري“ و”هاجركرمي“ وفرنكيس كيواني“ و”فاطمة سيد رضايي“ و”هنكامه أوصيا“ وليلى أميري“ و”قدسية هواكشيان“ و”شهناز احساني“.

وكان في فترة دراستي في الجامعة هناك بعض الصديقات اللواتي كنّ متعاطفات مع مجاهدي خلق لكن حاليًا هوياتهن مسجلة اليوم بين شهداء درب الحرية في إيران بمن فيهن: ”عذرا عالم رجبي“ و”بزرك جهانبخش“ و”سهيلا كياني“ و”جميلة صالحي“ و”منصوره عمومي“ و”طاهره صمدي“

من الصعب بالنسبة لي أن أؤمن بمثل هذا الماضي والتاريخ. لكن في الوقت نفسه، شعرت بالأمانة التى أحتفظت به طوال هذه السنوات والأشهر والأيام التي عهد بها إليّ صديقاتي  المخلصات.

الأمانة نفسها  التي لم يتمكن العدو من أخذها منا حتى في أشد حالات التعذيب: اليقين في المثالية والإيمان بالحرية …

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أنا مقتنعة بأن غدًا جميلًا للحرية سيحل في إيران، وأن ذلك اليوم ليس ببعيد.

. 2..كان .”لاجوردي“ ،يعرف باسم «جزار سجن إيفين» ، هو سبب ومؤسس العديد من التعذيب والاغتصاب والقتل للسجناء السياسيين ، وخاصة مجاهدي خلق، من الرجال والنساء على حد سواء ، وأحد مرتكبي مجزرة  30 ألف سجين سياسي  من مجاهدي خلق في عام 1988.

3. تم استخدام رموز الراديو في قسم ثابت من إذاعة المقاومة يسمى «صوت مجاهدي خلق» كمرجع للسجناء ممن أفرجوا عنهم  من السجن والنشطاء الذين أرادوا الانضمام إلى صفوف المقاومة لتوجيه وتنسيق مواعيدهم وطرق الخروج من البلاد. . تم بث هذا الراديو من خارج إيران، وبالتالي ، لم يستطع النظام إيقاف أنشطته.


1. تم تغطي السجناء ممن تعرضوا للتعذيب الشديد في غياهب سجون نظام خميني العائدة  للعصور الوسطى في بطانية من قبل قوات الحرس بعد تعرضهم للتعذيب الشديد بسبب عدم قدرتهم على الوقوف على أقدامهم والتنقل، وتم نقلهم إلى العنبر وبجانب سجناء آخرين

Exit mobile version