يعود تاريخ نضال المرأة الإيرانية إلى 50عاماً ، مسافة طويلة مليئة بالصعوبات في نضال بوجه عدة دكتاتوريات التي لا تعترف بحقوق النساء.
إن معاداة الحكام المستبدين ضدالمرأة لم تسمح حتي بتسجيل تاريخ نضال النساء بشكل كامل في صدر التاريخ ليُروى للأجيال القادمة حيث ما يعرف الجيل المستحضرمن تاريخ نضال النساء الإيرانيات الـ150عاماً ليس إلا جانباً ضئيلاً من استبسالات وبطولات المرأة الإيرانية وما تحملته من الصعوبات والتعذيب طيلة نصف القرن الماضي والموجود ليس إلا ما تسرب من خلال الفلترات والتحريف وما شابه ذلك.
وعندما نظرنا نظرة عابرة إلى هذا التاريخ الفاخر سنعرف كيف وبأي دعم تاريخي قوي واقتحام العقبات وصلت المرأة الإيرانية إلى مكانة اليوم حيث لها دور محوري وريادي في المقاومة الإيرانية وستسطر في هذا النمط تاريخ وطنها ليحل الحرية والعدالة والمساواة بعد الإطاحة على الدكتاتورية الحاكمة في إيران.
في عام 1891وفي خضم انتفاضة تنباك (تبغ) النساء وبصمودهن أرغمن الشاه على إستعادة الامتيازات المعطاة للبريطانيين . كما وفي ظروف الجفاف والقحط اقتحمن النساء مستودعات الحنطة وصادرنها من مخالب الجشعين و وزعنها بين الجوعانين. وفي ثورة الدستورية ورغم وجود عراقيل تقليدية أمام طريق النساء شاركت النساء في المعارك الساخنة ضد المستبدين حيث استشهدت 20إمرأة ، كما حضرت ” زين باشا “ إحدى النساء الثوريات في تبريز لتشجيع الرجال للإنتقاضة وصرخت: ” لو لم تجرأو أن تجزوا الظالمين … فإننا سنقاتل بدلاً عنكم بوجه الظالمين “
لقد أصبحت الثورة الدستورية نقطة عطاف لتطلع النساء من عقر البيوت المظلمة والمطمورة إلى الشوارع حيث وبتشكيلهن النقابات وتشكلات المدنية دخلن الكفاح ضد التقاليد الرجعية نيلاً قمم العلمية والسياسية .
خلال 150عاماً من تاريخ إيران دفعت النساء ثمناً باهظاً في أداء دورهن الاجتجاجي حيال الأنظمة الحاكمة.
طبعا لا تبحث النساء في هذا الدرب إلا حرية التعبير والسلوك والمصير دون مساومة . كانت انتفاضة النساء دوما طوعية ونابعة من تطلعاتهن واختيارهن الدرب في كل زمن بالذات.
كما وفي زمن زعامة قائد الإنتفاضة الوطنية الإيرانية الدكتور محمد مصدق لقد وصلت النساء بدرجة من الرشد حيث دخلوا الساحة لسد أزمات حكومة الدكتور محمد مصدق المالية . وفي يوم 8 / كانون الثاني -1952قادمت النساء والفتيات من مختلف المدن الإيرانية إلى طهران وفي تجمع رائع مقابل قصر المصرف الوطني لإيران لشراء السندات السيادية ذلك ببيع ممتلكاتهن حيث حث هذا التجمع سائر شرائح المجتمع بصورة غريبة ليجبرهم إلى ساحة شراء هذه السندات أيضاً.
هذا ودي زمن سلطة بهلوي ، ارتقت الثقافة والسياسة في النساء أكثر من ذي قبل غير وبسبب وجود القمع والمناخ البوليسي التجأت النساء إلى النشاطات السرية والمخفية بعضويتهم في مجاميع متكاملة وتحررية .
هناك نساء مناضلات ومجاهدات ك” أشرف رجوي “ و” فاطمة أميني “ و” مرضية أسكوئي و” أعظم روحي آهنگران “ و” مهرنوش ابراهيمي “ و” أشرف أحمدي “ و” معصومة شادماني “ وبتحملهن التعذيب والأسْرأو تقبلهن الشنق سجلن صورة حقيقية من المرأة الإيرانية وخالية من الشوائب المعتمة الناتجة من معاداه المرأة في التاريخ ، وكقول الشهيدة ” مرضية أسكوئي“ لقد أثبتت هؤلاء النساء أن المرأة أصبحت إسم ، لا يوجد مثيله في أن نقطة من ثقافة الرجعيين والمستعمرين المخزية.
كانت في عهد الشاه ، الإنتفاضة الطلابية متأثرة من حضور الطالبات حيث وصلت في خضم الثورة ضد الملكية ذروتها حيث شهد الشعب الإيراني في شباط / فبراير 1979ذروتها بطولات النساء في غزو القواعد العسكرية ومراكز القمع التابعة لنظام الشاه ، غير إن القيادة سرقت من قبل الخميني الذي لم يطاق حرية التعبير وحق الانتخاب للنساء وبعد أقل من شهر من تسلمها السلطة أصدر أمر الحجاب القسري في الدوائر وفي المقابل قامت النساء الحرائر الإيرانيات في 8 / آذار – مارس 1979بإقامة مسيرة احتجاجية ضخمة بأول تحدي بوجه خميني بـ ” لا “ الكبيروبصرختهم العالية.
وبهذا عثرت النساء وفي أوان الثورة الإيرانية ، عثرت النساء رؤى الملالي المعادين للمرأة كما اتسعت نطاق نشاطاتهم السياسية والاجتماعية يوماً بعد يوم حيث انتشرت إلى الشوارع وفي الأوساط الشعبة أيضاً.
متزامناً اشتدت وتيرة الفاشية الدينية بتصعيد القمع ضد ا لنساء حيث وخلال عامين ونصف العام بعد الثورة أدى إلى قتل وجرح عشرات الطالبات من أنصار انتفاضة مجاهدي خلق من جراء هجوم البلطجيين حيث قتلت ” نسرين “ و ” رستمي “ و” وسيما صباغ “ و” فاطمة رحيمي ” و” سمية نقره خواجا “ و” فاطمه كريمي “ . كما وفي 17/ آبريل – نيسان 1981شاركت 200ألف من الأمهات في مسيرة احتجاجية حيث خوفت الملالي .
كما وفي 20/ يونيو – حزيران 1981 وعندما فتح حرس الخميني وبأمر منه النار على نصف المليون من مظاهرات الشعب الإيراني من أهالي طهران اخترن النساء الصامدات شرف المقاومة مقابل خزي الاستسلام بالذات. حيث بدأ النظام الإيراني آنذاك ومنذ عصرنفس اليوم ممارسات الإعدام الجنونية وكانت أول مجموعة من الإعدامت من الفتيات والطالبات بأعمار 16-17عاماً فلم تنبس ببنت شفة أمام الجلادين حتى بأسمائهن وهويتهن. يومياً كانت ملاحم من الصمود في كل أرجاء إيران وفي ذرروتها 8/ شباط – فبراير 1982حيث وفي هذا اليوم استشهد قادة حركة المقاومة المقاومة ” أشرف رجوي“ و” موسي خياباني “ مع18من رفاق دربه في تحدي غير متعادل بوجه حرس النظام واستشهدو تماماً.
التحقت أشرف رجوي منذ زمن دراستها في فرع هندسة فيزيا في الجامعة الصناعية بالنضال ضد الدكتاتورية حيث كان ضمن أخر مجموعة من السجناء السياسيين أفرجت عنهم من سجون الشاه ، كان لأشرف دور قيادي وريادي في نضال النساء والفتيات الإيرانيات . عند الاستشهاد كان معها 8 من أبرز النساء من حركة مجاهدي خلق الإيرانية المنظمة المحورية للمقاومة الإيرانية في هذه الساحة ..
كما كانت معارك مماثلة خلال أعوام اللاحقة للنساء حيث تكررت البطولات بحضور نشيط للنساء لايسع هذا المجال التطرق بها.
ومن سلسلة استبسالات والبطولات للنساء كانت لدى الأمهات اللاتي كنّ يوّدعن مع أكبادهن من أجل درب الحرية. فمنهن من كان يخفي طفلها الرضيع في مكان آمن لكيلا يتأثرومنهم من كان تحت أشد التعاذيب وسوء التغذية تحملن فراغ أطفالهن قسراً في السجون ولكن لم يستسلمن أبداً.
الدور وحضور النساء في الساحات والمعارك الخطيرة في المنعطفات التاريخية في هذه الدورة من الزمن والتضحيات والبطولات للنساء وما بذلن من ثمن باهظ هؤلاء النساء والفتيات المثقفات والتحرريين خير دليل على وجود ظاهرة تاريخية جديدة حيث فتح شق طريق النساء لمشاركتهن المساوية في قيادة حركة المقاومة بالذات.
وبهكذا دعم من الثقافة والإيمان والتحضية والفداء والشجاعة والبطولات، نرى حضور النساء في قيادة المقاومة الإيرانية حيث أصبحن إلى قوة التغيير . القوة التي ورغم ممارسات القمع الوحشي طيلة 38عاماً ليست لم تتوقف فحسب وإنما أصبحت أقوى وأكثر صرامة ً حيث سيسطر مستقبل إيران الغد حرة وتضمنها بالذات.
وإن هذه التجربة الرائعة وفي حال نجاحها تعتبر حصيلة عظيمة في حركة المساواة في نطاق عالمي ولجميع النساء أيضاً حيث تُدخل ثقافة المجتمع الإنساني مرحله جديدة من الرشد والارتقاء.