رسالة سجينة سياسية من سجن إيفين: على ماذا يجب أن نندم؟

رسالة سجينة سياسية من سجن إيفين: على ماذا يجب أن نندم؟

رسالة سجينة سياسية من سجن إيفين: على ماذا يجب أن نندم؟

أرسلت السجينة السياسية كلرخ إيرايي  يوم الجمعة 5 مايو 2023 رسالة من سجن إيفين تشرح فيها أوضاع المجتمع وتفضح الأساليب الجديدة لنظام الملالي في دفوعه من أجل إكتساب الشرعية، ومشيرة إلى استعراض العفو عن السجناء في فبراير الماضي، وكتبت: “إجبار الناس على الإعراب عن الندم لا يُعيد الشرعية المفقودة.”، وهذا نص رسالتها بين أيديكم أدناه:

1. على ماذا يجب أن نندم؟

نحن الذين يسكنون تحت خط الفقر، ونشبع أبنائنا بالدعارة ، وسنشنق من أجل سبعين ألف تومان، وستقطع يدينا وفق لحكم الشريعة.

نحن الذين يشنق أبناؤنا بجرم حمل سكين، وأصبحنا ضحايا قتل الاطفال، وتُقلع أعيننا بطلقات،

نحن الذين يتعرض مراهقونا للتسمم بهجمات كيماوية أثناء التعليم الذي كان من المفترض أن يكون مجانياً،

نحن الذين نعاقب ونقتل من أجل حقوقنا الأساسية وأسلوب حياتنا وعلاقاتنا وملبسنا وأكلنا وشربنا، فعلى ماذا نندم؟

2. عدم استقلالية السلطة القضائية موضوع نقاشاته عديدة.

الجمهورية الإسلامية تنفي ذلك دائما، لكن ما يحدث وما نعيشه هو دليل إثبات على هذا الادعاء.

في الـ 26 من سبتمبر 2022 أي بعد حوالي أسبوع من مقتل مهسا أميني وبعد أربعة أشهر من إطلاق سراحي تحطم باب منزلي جراء هجوم قوات الشرطة الأمنية وهاجمني أحد عشر شخصاً بالبنادق والركلات واعتقلوني بالضرب التنكيل والشتائم البذيئة والألفاظ النابية.

بعد عدة ساعات من الاستجواب والنقل للموقع الأمني بشارع الوزراء، وبعد ذلك الاستجواب في قاعدة تسمى بـ الإمام الحسن المجتبي جنوب شرق طهران تم نقلي إلى سجن قرجك بورامين، بعد 10 أيام من خلق الأجواء المرعبة نُقِلت إلى مركز ”شابور“ للمباحث، وهناك بالتهديد وتطاول أيدي عناصر الشرطة جردوني من ملابسي وتم تفتيشي جسدياً.

بعد ذلك بفترة وجيزة وبواسطة المحقق حاج مرادي أُبلِغتُ باتهاماتٍ بالتجمع والتواطؤ والدعاية ضد النظام والإخلال بالنُظم العامة (بدون أي وثائق إثبات).

والآن، وبعد سبعة أشهر من عدم تحديد وضعي وُجِهت بإقتراح من قِبل إيمان أفشاري قاضي الشعبة السادسة والعشرون لمحكمة الثورة، مُقترح لطلب العفو، بعد معارضتي لهذا الاقتراح المُحدد، وفي نفس اليوم الذي كان من المفترض أنه قد وعد بالإفراج عني إذا تم العفو، حُكِمتُ بالسجن سبع سنوات.

3. تخضع السلطة القضائية في الجمهورية الإسلامية كسائر السلطات والمؤسسات وتنظيماته الأخرى لسيطرة استبدادية رجعية، وللمُعينين في أي موقع وأي منصب حرية التصرف بما يتناسب مع أذواقهم وتنفيذ أوامر عملاء المخابرات وجنود النظام المجهولين.

طبيعة الجمهورية الإسلامية هي نفسها التي كانت عليها منذ بداية مصادرة الثورة، والقضاة الحاليون غير قضاة عقد الثمانينيات من القرن الماضي وفرقة الموت هم  نفس الأشخاص في حملات التوابين بالإكراه الذين أجبروا الكثير من الناس تحت التعذيب على الكشف عن شركائهم فكرياً وعن ورفاقهم في عقد الثمانينيات، وقد أطلقوا رصاص الموت عليهم.

اضطرت الآن الجمهورية الإسلامية إلى تغيير توجهاتها من أجل بناء صورة دولية والتظاهر بالالتزام بالمواثيق التي قبلتها.

تتطلب سياسات اليوم إما إعلان الندم والتوبة أو إجراء تعديلٍ قسريٍ لمواقف المعارضة وراء قناع من الشفقة والرأفة.

4. في سجن قرجك وبعد تأجج الانتفاضة الأخيرة اضطر العديد من المعتقلين الذين نزلوا إلى أرضية الشارع بوعي ومطالب محددة إلى تغيير موقفهم وإنكار ذاتهم بسبب ضغوط القوات الأمنية والمحقق أحياناً على الأسرة وبالتالي ضغط الأسرة على السجين.

(بالطبع هذا جزء من الضغوط التي واجهها المعتقلون، فقد تعرض بعضهم للضرب حتى الموت، وكان بعضهم قد تعرض للإهانة والإذلال  والتنكيل والإيذاء والتهديد بفقدان حقوق المواطنة.).

5. إجبار الأشخاص على الإعراب عن الندم لا يعيد الشرعية المفقودة، فالندم ممكن عندما يخجل الشخص مما فعله ولا يجب فعله أو أنه كان قد غفل عن أداء واجبه الذي كان مكلفاً به.

– التورط في جرائم القتل والإعدام الحكومية والتدرب بعصي الأشجار وإصدار أحكام الإعدام.

– تأجيج الفساد المنهجي الذي أدى إلى تفشي التضخم والانهيار الاقتصادي.

– قمع الناس الذين فتحوا أفواههم للاحتجاج من أجل حياة أفضل وإرسالهم إلى المقبرة بضربة أو جعلهم معاقين بفقدان أحد أعضاء أبدانهم.. فهل هذا أمر مُخزي ويدعو للندم إذا كان له شرف القيام بذلك.

يُشنق العديد من الأشخاص كل يوم في بلدنا بسبب المعارضة السياسية أو الاختلاف في الرأي مع النظام، أو شراء وبيع المخدرات، والسرقة أو القتل؛ لقد أصبح الموت لنا عادة، أما لهم فمصدر حياة وارتزاق.

6. لقد جاؤوا من سُكنى الأكواخ ليسكنوا القصور ويستعبدو المستضعفين، وأما الفساد فقد أضحى ممنهجاً، وأصبح الإختلاس الوظيفة الثانية لعلية القوم، وأمسى أكثر من نصف المجتمع فقيراً، وأصبح الفقر مؤسساتياً، وأصبحت البطالة والجوع والدعارة والفقر والتشرد ونوم القبور جزءاً من وجودنا، وبات من المستحيل تخيل الشارع بدون عمالة الأطفال.

إعادة قراءة كلمة مستضعف والبحث عن المعنى العميق للحضارة فيه! لا يقلل من معاناة الذين يعيشون في فقر.

إن وصف الفقراء بأنهم “الأقل حظاً” وتصنيف الجياع في صنوف مختلفة لا يعيد بناء وجه الفقر الكريه.

وكما سميت السكن في العشوائيات بأطراف المدينة فإن ذلك لم يخفف من معاناة سكانها ولم يبني لهم مأوى.

بات الندم نصيب من لم يسمع صوت ثورة الشعب وأُطِيح بعرش سلطته، وسيكون نصيب من لم يتعلم من التاريخ ولم يرى انتفاضة الشعب الثورية.

أتمنى أن يُبتلوا بتحمل مصير الديكتاتوريين السابقين.

كلرخ إيرايي

 مايو 2023

سجن إيفين – طهران

Exit mobile version