عمالة الأطفال في إيران: الفقر هو السبب الرئيسي
تتجاهل الحكومة وتخفي الواقع المؤلم لعمالة الأطفال في إيران
الفقر هو السبب الرئيسي لعمالة الأطفال في إيران إلا أن لكن الحكومة لا تكترث لذلك وتتستر على هذا الواقع المؤلم.
يصادف الـ 12 من يونيو اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، ويعمل كمحفز للحركة العالمية المتنامية لمكافحة عمالة الأطفال بجميع أنحاء العالم، وقد حددت الأمم المتحدة بأن موضوع العام 2023 هو ”ان تحقق العدالة الاجتماعية للجميع يكون من خلال أن تضعوا حداً لعمالة الأطفال!”.
وبحسب قول الأمم المتحدة أن يمكن القضاء على عمالة الأطفال إذا تمت معالجة الأسباب الجذرية، وإذا كانت هناك إرادة وعزم وتصميم لفعل ذلك، لكن الأمر ليس كذلك في إيران.
ورغم أن مشكلة عمالة الأطفال في إيران من أخطر الأضرار الاجتماعية في البلاد إلا أن النظام الإيراني ينفي أبعاد مشكلة عمالة الأطفال في إيران، ولا يتخذ إجراءات فعالة، ولا يخصص أموالاً كافية لمواجهة هذه المشكلة، وفي هذا اليوم وبهذه المناسبة نلقي نظرة على عمالة الأطفال في إيران ووضع الأطفال العاملين.
![عمالة الأطفال في إيران](https://women.ncr-iran.org/ar/wp-content/uploads/2023/06/Child-labor-in-Iran-3-min.jpg)
جذور مشكلة عمالة الأطفال في إيران
يعمل الأطفال العاملون في إيران في الشوارع والمعامل في السراديب العمل وأفران حجر البناء والمصانع والمزارع وما إلى ذلك، واعترفت مصادر مختلفة ومسؤولون حكوميون في إيران بأن السبب الرئيسي لعمالة الأطفال في إيران هو الفقر.
وأظهرت دراسة أن معظم الأطفال العاملين يأتون من عوائل فقيرة ويعملون للمساعدة في أمور عوائلهم المعيشية. (وكالة الأنباء الرسمية ايرنا 1 ديسمبر 2022)
على الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة عن عدد أطفال الشوارع والأطفال العاملين في إيران إلا أن الإحصائيات المتفرقة ونتائج بعض الدراسات الأولية تظهر أن هذه الظاهرة آخذة في الازدياد خاصة في المدن الكبرى. (وكالة الأنباء الحكومية ايسنا 14 نوفمبر 2022)
قال محمد رضا حيدرهاي ، رئيس مكتب شؤون المتضررين اجتماعياً بمنظمة الرعاية الاجتماعية لوكالة أنباء ايرنا في 2 مايو 2023 أن: “الفقر هو السبب الرئيسي وراء تواجد الأطفال في الشوارع”.
وقال رضا جعفري رئيس قسم الطوارئ الاجتماعية والمدير العام لمكتب شؤون المتضررين اجتماعياً في منظمة الرعاية الإجتماعية: “تظهر الأبحاث أن العامل الأول الذي يدفع إلى عمالة الأطفال بالشارع هو أنهم يعانون من الفقر المعيشي ويعتبر هؤلاء الأطفال كمصدراً لدخل الأسرة.” (وكالة الأنباء الحكومية ايسنا 12 يونيو 2018).
في أعقاب تقريرٍ لمركز أبحاث المجلس حول تفاقم الفقر في البلاد في العقد الماضي إثر تضخمٍ بنسبة 69٪ أُضيف 11 مليون شخص إلى مجتمع ما تحت خط الفقر في البلاد، وأفاد موقع اكو إيران يوم 25 مايو 2023 أن “ثلث السكان تحت خط الفقر” وأن المسافة بين الطبقة الوسطى عن أن تصبح فقيرة ليست ببعيدة، وأفاد موقع اكو إيران أن إحصائيات مركز أبحاث المجلس قد ذكرت في سبتمبر 2022 بأن خط الفقر لأسرة من أربعة أفراد هو 7.5 مليون تومان.
![صعوبة العثور على إحصائيات دقيقة حول عمالة الأطفال في إيران](https://women.ncr-iran.org/ar/wp-content/uploads/2023/06/Child-labor-in-Iran-5-min.jpg)
صعوبة العثور على إحصائيات دقيقة حول عمالة الأطفال في إيران
لا تتوفر إحصائيات دقيقة عن عمالة الأطفال في البلاد، وتغيرت بحسب بيانات المسؤولين بين سبعة ملايين طفل عامل إلى سبعة آلاف شخص في السنوات الأخيرة. (موقع تجارت نيوز الحكومي 3 نوفمبر 2022)
ناهيد تاج الدين عضو مجلس النظام: “بعض خبراء قضايا الاقتصاد الحضري يصرحون بأن إحصائية عمالة الأطفال في إيران تتراوح بين ثلاثة إلى سبعة ملايين، واستناداً لهذا الرقم فإنهم يقدرون أن هناك نحو 20 ألف شخص في طهران أيضاً.” (وكالة أنباء تسنيم الحكومية 27 سبتمبر 2017)
وقال حسين مقصودي عضو مجلس النظام: “لدينا حوالي 15 ألف جامع قمامة في العاصمة ومن هذا العدد 5000 هم من الأطفال 40٪ منهم هو المُعيل الوحيد للبيت وأعمارهم بين 10 و 15 عاماً.” (وكالة الأنباء الحكومية خانه ملت (ايكانا) 18 أكتوبر 2019)
أما حبيب الله مسعودي فريد نائب رئيس الشؤون بمؤسسة الرعاية الاجتماعية فقد قال: “تُعتبر قضية عمالة الأطفال من القضايا الاجتماعية المستترة، ومن خلال الدراسات التي أجريت مع جامعة علوم الرفاه الإجتماعي لدينا حوالي 70 ألفاً من أطفال الشوارع في البلاد يقضون فترة من الوقت في الشارع، وبالطبع فإن وضع الاطفال في المعامل مختلفاً، ولا تتوفر احصاءات دقيقة عن هؤلاء الأشخاص.” (وكالة الأنباء الحكومية ايسنا11 سبتمبر 2020).
وقال محمود علي كو رئيس قسم الطوارئ الاجتماعية أنه: ” يوجد 500 ألف طفل عامل على مستوى الدولة استناداً لإحصائيات وزارة العمل سنة 2017 مقسمون إلى ثلاث فئات: عمالة أطفال بالمعامل، وأطفال يعملون في الشوارع، وأطفال تجمع القمامة، واستناداً إلى إحصائيات الرفاه الإجتماعي تشير التقديرات إلى أن عمالة الأطفال في الشوارع حوالي 14000 طفل في عموم الدولة، واستناداً إلى معلومات المنظمات غير الحكومية هناك ما يقرب من أربعة آلاف طفل جامعٍ للقمامة في طهران.” (وكالة الأنباء الرسمية ايرنا 12 أبريل 2021)
وعن وحيد قبادي دانا رئيس منظمة الرفاه الإجتماعي قوله أن: 12 ألف طفل عامل وطفل شوارع تمت تغطيتهم بخدمات الرفاه اليومية بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية، وارتفع هذا العدد إلى 16 ألف شخص.” (وكالة الأنباء الحكومية مهر 19 يوليو 2021)
أعلن محمد رضا حيدرهاي رئيس مكتب منظمة الرعاية الاجتماعية للمتضررين اجتماعياً عن وجود 120 ألف طفل عامل في البلاد وقال: “في العام الماضي تم التعرف على 14.500 من أطفال الشوارع” (وكالة الأنباء الحكومية ايسنا 17 إبريل 2023).
قال سوده نجفي رئيس لجنة الصحة في مجلس مدينة طهران “هناك سبعون ألف طفل عامل في البلاد، وهذا الإحصاء في تزايد يوما بعد يوم.” (وكالة أنباء سلطة النظام القضائية ميزان 11يونيو 2023)
وهنا يمكن ملاحظة أن مسؤولين مختلفين قدموا أرقاماً متناقضة في سنوات مختلفة، ومع الإفلاس الاقتصادي وتزايد عدد الفقراء في إيران كيف يمكن أن ينخفض عدد الأطفال العاملين على مر السنين؟
من البديهي أن يكون هناك عدم شفافية من طرف النظام الإيراني، ووجود مساعٍ منظمة للتقليل من شأن الأرقام الحقيقية.
![يقول نظام الملالي أن معظم عمالة الأطفال ليسوا مواطنين إيرانين](https://women.ncr-iran.org/ar/wp-content/uploads/2023/06/Child-labor-in-Iran-2-min.jpg)
يقول نظام الملالي أن معظم عمالة الأطفال ليسوا مواطنين إيرانين
تحاول السلطات الإيرانية تخفيف تردي هذا الوضع بالقول إن أكثر من 80٪ من عمالة الأطفال في إيران ليسوا مواطنين إيرانيين.
وقال سوده نجفي عضو مجلس مدينة طهران: “ثمانون بالمائة منهم أجانب.” (وكالة أنباء سلطة النظام القضائية ميزان 11 يونيو 2023)
قال محمد رضا حيدرهاي لـ ايرنا أنه “وفقا للتقديرات فإن 83 في المائة من أطفال الشوارع هم من المواطنين وبينهم أكثرية من الأفغان، وأكثر من 60 في المائة منهم من الرعايا غير الشرعيين.” (وكالة الأنباء الرسمية ايرنا 2 مايو 2023)
الأمر المثير للدهشة هنا أنه بينما لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد الأطفال العاملين في إيران ولم يتم التعرف على جميع أطفال الشوارع من قبل المنظمات الحكومية، فكيف يمكن لهذه السلطات الحصول على هذه النسب المئوية!
ومع ذلك تظهر الدراسات الاستقصائية التي أجرتها منظمات غير حكومية بأن 65 في المائة من الأطفال العاملين إيرانيون بما في ذلك الأكراد والبلوش والأتراك والبشتو والعرب، 18٪ من الأطفال العاملين هم من البلوش، و35٪ فقط من الأطفال هم من دول مجاورة أو عائلات مهاجرة. (موقع دلكرم دوت كوم الحكومي)
![ظروف الفتيات ضمن إطار عمالة الاطفال](https://women.ncr-iran.org/ar/wp-content/uploads/2023/06/Child-labor-in-Iran-4-min.jpg)
ظروف الفتيات ضمن إطار عمالة الاطفال
أظهرت دراسة أن أجور الأطفال البنات أدنى من الأطفال الفتيان مقابل نفس العمل، وبعض الفتيات لا يعرفن حتى مقدار الأجر الذي يتقاضينه حيث يتم تحصيل هذا الأجر من قبل أولياء أمورهن، كما تتعرض الفتيات العاملات للتحرش الجنسي من قبل أصحاب العمل.
تفيد دراسة أخرى بوجود اختلافات في أوساط عمالة الأطفال الذين يعملون في الشارع بين الفتيات والفتيان حيث أصيبت الفتيات أكثر من الأولاد بالمرض في الشارع بنسبة (32.4٪ مقابل 21.5٪) ، وتعرضن لحوادث بنسبة (49.3٪ مقابل 29.2٪) ، ولديهن سوابق تحرش جنسي بنسبة (12.7٪ مقابل 2.75٪)، والتعرض للضرب والإهانة من قبل الناس بنسبة (26.8٪ مقابل 11.8٪). (وكالة الأنباء الرسمية ايرنا 1 ديسمبر 2022).
![لا تتلقى أنظمة الرعاية الاجتماعية التمويل الكافي من أجل مواجهة المشكلة](https://women.ncr-iran.org/ar/wp-content/uploads/2023/06/Child-labor-in-Iran-6-min.jpg)
لا تتلقى أنظمة الرعاية الاجتماعية التمويل الكافي من أجل مواجهة المشكلة
قال حبيب الله مسعودي فريد نائب الرئيس السابق للشؤون الاجتماعية لمنظمة الرعاية الاجتماعية خلال الأعوام 2014 حتى 2021 إن أحد التحديات التي تواجه منظمة الرعاية الاجتماعية هو عدم تخصيص الموارد الكافية، و”إن تخصيص 100٪ من الموارد التي كان من المفترض إنفاقها في هذا المجال أمر مهم للغاية ووفقاً للقانون، يجب أن يكون تخصيص الموارد 100٪، ومن ناحية أخرى عندما ندخل في موضوع عمالة الأطفال والشارع نرى أن القضية ليست طفل الشارع فقط بل أن عائلته بحاجة إلى المساعدة، ومن أجل إزالة هذه المشاكل نحتاج إلى موارد إلا أن الموارد المتاحة قليلة جداً.” (وكالة الأنباء الحكومية ايسنا 14 نوفمبر 2022)
تهديد ومضايقة نشطاء حقوق الأطفال
لا تتعامل الحكومة مع مشكلة عمالة الأطفال في إيران فحسب بل وتمارس أيضاً ضغوطاً ومضايقات على المنظمات غير الحكومية ونشطاء حقوق الأطفال الذين يحاولون مساعدة هؤلاء الأطفال، ولا تجدد وزارة الداخلية تراخيص المنظمات غير الحكومية العاملة من أجل الأطفال، ومن جهة أخرى لا تسمح البلدية للمنظمات الجماهيرية غير الحكومية بممارسة النشاط دون ترخيص.
يرى نشطاء حقوق الطفل ظروف الأطفال العاملين عن كثب، وعندما يبلغون بالموقف إلى الأجهزة الرسمية المتصدية للأمر لا يرون أي إجراء، وإذا أبدوا بعدها رد فعل من خلال الصحافة لجذب الانتباه أو أجروا مقابلات مع الصحافة، فسيتم اعتقالهم واتهامهم بالعمل ضد الأمن القومي.