عمل الأطفال هي رمز للفقر الجاري في شوارع إيران

عمل الأطفال هي رمز للفقر الجاري في شوارع إيران

اقترحت منظمة العمل الدولية يوم الثاني عشر من يونيو يوما عالميا لمكافحة عمل الأطفال لزيادة الوعي والأنشطة في مجال الحد من عمل الأطفال، وهدف منظمة العمل الدولية هو تعزيز الحركة العالمية ضد عمل الأطفال.

واستحضارا لهذا اليوم الدولي نتطرق بإيجاز إلى وضع عمل الأطفال في إيران.

تتراوح إحصائية عمل الأطفال في إيران ما بين 3 و 7 ملايين طفل، وتنحصر معظم عمل الأطفال في أولئك الذين ليس لديهم أي تسجيل لتعريف هويتهم، وهذه الإحصائية هي الحد الأدنى المُعلن من قبل مصادر النظام. (موقع شهر أرا نيوز الحكومي – 12 يونيو 2020) بسبب افتقار النظام إلى الشفافية في توفير الإحصاءائيات لا يوجد عدد محدد من الأضرار الاجتماعية من بينها إحصائية عمالة الأطفال، واعتبارا من عام 2017 وإلى الآن  يتم ذكر نفس الرقم من 3 إلى 7 ملايين بشكل غير رسمي في بعض المصادر، بينما ينتشر الفقر وعمل الأطفال بشكل هائل في السنوات الأخيرة، ويقدر عدد الأطفال العاملين في طهران وحدها بنحو  20 ألف (وكالة أنباء  ”بازار“الحكومية – 21 مايو 2022).

بلغ النمو الاقتصادي في إيران الصفر منذ العقد الثاني بعد الألفية الثانية الميلادية، وفي المجتمع ذاتته تواجه العائلات صعوبة في كسب لقمة العيش لأفرادها، ويضطر أطفال هذه العائلات إلى التحول لعمل الأطفال، والأطفال الذين ليس لديهم معرفة ولا خبرات ولا مهارات  سيضطرون حتما إلى إختيار أعمالا مثل جمع القمامة، وتنظيف نوافذ السيارة ، وتبخير البيوت وما إلى ذلك، أو القيام بأعمال أكثر صعوبة مثل العمل في المزارع وأفران المعادن. (صحيفة اعتماد الحكومية – 7 أبريل 2022)

12 ساعة من العمل المتواصل للفتيات العاملات

الإحصاءات غير الرسمية حول رقم من 3 إلى 7 ملايين طفل عامل في إيران لا تشمل العديد من الأطفال الذين يعملون في ورش صغيرة، والأعمال المنزلية وورش أعمال البناء.

وعلى سبيل المثال فإن أوضاع الفتيات المراهقات في ورش الخياطة الصغيرة في بعض أحياء طهران  مثل زقاق مروي سيئة جدا حيث يجلسن خلف ماكينة الخياطة في بيئة صغيرة جدا من الصباح إلى المساء وتصل ساعات العمل أحيانا إلى 12 ساعة في اليوم والأجور منخفضة جدا، وعادة ما تكون بيئات العمل هذه إما في الطابق الأرضي أو في الطوابق العليا من المباني القديمة جدا في غرف صغيرة وضيقة، ونتيجة لذلك دائما ما تكون تلك الفتيات عرضة للأذية والمضايقة من قبل صاحب العمل. (موقع آسو – 12 يونيو 2020)

الفتيات العاملات أكثر عرضة للأذية والمضايقات

الأذية والمضايقات الجنسية جزءا لا يتجزأ من حياة الأطفال العاملين، ولا توجد إحصائيات وأرقام حول هذا الموضوع ، ولكن هناك أدلة تفيد بأن نسبة مئويةعالية جدا من الأطفال العاملين يتعرضون للمضايقات والأذية  الجنسية، وهذه الإحصائية عالية وحتى وإن كانت النسب أقل فهي أيضا كثيرة. (صجيفة اعتماد الحكومية – 6 أبريل 2022)

إلهه قرباني خبيرة بارزة في دراسات المرأة وعالمة الاجتماع درست الظروف المعيشية للفتيات العاملات في طهران في بحث ميداني، أجرى مقابلات مع حوالي 50 فتاة عاملة بمتوسط ​​أعمار من 6 إلى 16 سنة، فوجدت أن عوامل مثل الفقر وعدم قدرة الأسرة على كسب لقمة العيش، وتفكك الأسرة ووجود أبوين مسيئين أو بلا معيل  هي من بين العوامل المؤدية إلى عمل الفتيات.

والعديد من هؤلاء الفتيات العاملات هاجرن من شمال إيران إلى طهران، وكثير منهن من البلوش، وهؤلاء الفتيات يعملن بقدر إنسان بالغ حتى وقت متأخر من الليل، لأول مرة، وقد واجهن جميعا صعوبة في تجنب هذا الأمر، وحتى لا يكن عرضة للمضايقات والاذية تقوم العديد من هؤلاء الفتيات بقص شعرهن وتقصيره وارتداء ملابس صبيانية قدر المستطاع.

قالت إحدى هؤلاء الفتيات: “أثناء ذهابي إلى العمل أضع يدي على وجهي وطوال الوقت الذي أكون فيه في الشارع، كنت أضع يدي حتى لا يكون وجهي مرئيا ذلك لأنني أخجل كثيرا.” (موقع ديدار نيوز الحكومي – 3 مايو 2021)

أربعة إلى خمسة بالمائة من عمل الأطفال مصابون بالإيدز، وكانت مينو محرز مديرة مركز أبحاث الإيدز قد قالت في وقت سابق إن معدل إصابة الأطفال العاملين بفيروس اتش اي واي يساوي ضعف معدل العاملين جنسيا بما نسبته 10٪ من الأطفال الذين تعرضوا للإيذاء الجنسي، ويتعرضون لذلك لأول مرة في سن السابعة. (موقع آسو –  12 يونيو 2020)

وفي عام 2017 قال رضا قديمي  الرئيس التنفيذي لمنظمة الخدمات الاجتماعية ببلدية طهران ، إن 90٪ من الأطفال العاملين كانوا عرضة للإيذاء والمضايقات الجنسية ومعظمهم من الفتيات.

قال علي رضا شافعي يزدي اختصاصي علم نفس حكومي عن أضرار الأذية والمضايقات الجنسية بالأطفال العاملين: “إن لموضوع قضية الأطفال العاملين إرتباط مباشر بقضية الأضرار الاجتماعية”، وارتفع مقياس  الأضرار الاجتماعية في إيران خلال السنوات الخمس الماضية ، كما زاد بنفس المقياس عدد الأطفال والإصابات الناتجة عن حضور ووجود هؤلاء الأطفال العاملين كما تتزايد الجرائم لأن السبب الرئيسي لجميع الجرائم هو المشاكل الاقتصادية.” (صحيفة اعتماد الحكومية – 7 أبريل 2022)

تتعلق الصورة أدناه بأخ وأخت يعملان في الشارع أثناء النهار وينامان في الحديقة ليلا، يربط الأخ الأكبر لهذه الفتاة ساقها بحبل ثم يربط الطرف الثاني من الحبل بساقه حماية وحفاظا على أخته في الليل عندما يحين نومهما.

مافيا القمامة تستغل عمل الأطفال

من أهم الانتهاكات التي يرتكبها النظام بسوء إستغلال عمل الأطفال هو في مجال جمع القمامة، وجمع القمامة هو أمر يمارس الآن في المجتمع الإيراني بوجود الأطفال والنساء فهي أصبحت ممارسة عائلية، والعديد من جامعي القمامة هم من الأطفال، ويتم استغلال معظم أطفال القمامة في دائرة عصابات مافيا النظام.

ويقدر عدد الأطفال جامعي القمامة في عام 2021 بالعاصمة بنحو 5000 طفل وبمقارنة هذه الإحصائية مع العام  الماضى يتضح أن عدد هؤلاء الأطفال كان 4000 طفل، ويظهر ذلك أن عدد الأطفال جامعي القمامة قد زاد بمقدار 1000 طفل خلال سنة واحدة.

تبلغ قيمة ما يتم جَنيهُ من جامعي القمامة من الأطفال 2000 مليار تومان يوميا ببلدية طهران التي تستفيد وحدها منهم 200 مليار تومان. (وكالة أنباء ”إيلنا“ الحكومية – 12 سبتمبر 2020)

تشير التقديرات إلى وجود 3000 جامع قمامة في الأهواز، وكتبت وكالة أنباء ايسنا في تقرير لها عن جمع القمامة في الأهواز”أصبح جمع القمامة في الأهواز من أعمال المافيا والكثيرين من جامعي القمامة تقل أعمارهم عن السن القانوني، وبعضهم تقل أعمارهم عن 15 عاما.” (وكالة أنباء ”إيسنا“ الحكومية – 11 مايو 2022)

تم التعرف خلال عام 2021 على 855 من عمل الأطفال والشوارع في محافظة فارس، وقال نائب وزير الشؤون الاجتماعية بمنظمة الرفاه بمحافظة فارس إن معظمهم تتراوح أعمارهم بين 6 و 17 عاما، وتشكل الفتيات العاملات 16٪ من هذا الإحصاء. (وكالة أنباء تسنيم الحكومية – 11 مايو 2022).

الأطفال باعة الزهور

بالإضافة إلى جمع القمامة يشارك الأطفال العاملون في مجموعة متنوعة من الأنشطة الأخرى ومن ضمن ذلك  هناك فتيات يعملن في أعمال العرافة (الكهانة – قراءة الطالع) ومنهن من يبيع الزهور، ويبعن العلكة والمناديل الورقية وما إلى ذلك عند مفترق الطرق وخاصة في طهران وبات ذلك أمرا متعارفا عليه يوميا.

ولم يتخذ النظام أي إجراء لحل هذه المشكلة الاجتماعية، وكل ما يقوم به بين الحين والآخر هو جمع هؤلاء الأطفال من الشوارع ليضطهدهم، وتتعرض تلك الفتيات لسوء الإستغلال والأذية الجنسية على أيدي مسؤولي البلدية بشكل يومي.

وإحدى الطرق الأخرى لإستغلال الأطفال هي تشكيل مافيا بائعي الزهور، وتسيء مافيا الزهور إستغلال عمل الأطفال وتدفع لهم من 30 ألف إلى 50 ألف تومان باليوم، في حين يصل دخل كل بائع زهور ما بين مليون ونصف إلى مليوني تومان لكل شخص. (وكالة الأنباء الحكومية تسنيم – 8 إبريل 2021).

وبإحتساب أن دخل كل طفل عامل من بيع الزهور والذي لا يقل عن مليون و 200 ألف تومان شهريا فإن مافيا بائع الزهور لديها دخل شهري يتراوح بين 45 إلى 60 مليون تومان لكل شخص. (وكالة أنباء  ”بازار نيوز“الحكومية – 20 أبريل 2022).

انتحار فتاة عاملة

انتحرت فتاة عاملة في أصفهان عمرها 15 عاما تدعى نجمة يوم الخميس 18 أبريل 2022 وذلك بشنق نفسها وفقدت روحها، وكانت نجمة قد بدأت البيع في الشارع عندما كانت في السادسة من عمرها.

قال ”نويد مسائلي“ مدير منظمة ”طلوع مهر ودوستي“ غير الحكومية المتخصصة في دعم الأطفال العاملين في إعلان خبري: “تعرفنا على نجمة عندما كانت في السادسة أو السابعة من عمرها بشارع جلفاي في أصفهان، وكانت نجمة في ذلك الوقت تبيع الزهور والبسطية، وفي بعض الأحيان كانت تعزف على آلة موسيقية مع والدها، ولقد كانوا ثمانية أبناء ولم يكونوا في وضع مالي جيد علما بأن شقيقتها وأشقاؤه لا يزالون يعملون.

Exit mobile version