مضت 9 أشهر منذ تولي المجلس الـ 11 السلطة. وبدأ هذا المجلس أعماله اعتبارًا من 27 مايو 2020، ومعظمه من الذكور، بمشاركة 5,7 في المائة من النساء. والجدير بالذكر أن عدد النساء المعدود على الأصابع اللواتي دخلن هذا المجلس من زمرة الأصوليين مثل معظم نواب هذا المجلس، وهي زمرة خامنئي شخصيًا التي تمثل الرجعية وأكثر الأفكار المناهضة للمرأة وأقسى السياسات. ولذلك، وافقوا على مشروع الزيادة السكانية ودعم الأسرة، وهو الاسم المستعار لخطة تهميش المزيد من النساء ما أمكن وإبقائهن للعمل في المنزل باعتباره يحظى بالأولية الأولى لمهمتهن.
وأُطلق على الخطة الأولى التي تسلمها المجلس الـ 11 اسم الخطة الشاملة للسكان وتمييز الأسرة والمعروفة باسم مشروع الزيادة السكانية ودعم الأسرة. وعقدت اللجان المعنية بدراسة هذه الخطة 19 اجتماعًا في هذا الصدد خلال شهر واحد فقط، أي حتى شهر ديسمبر 2020. (موقع “صاحب نيوز” الحكومي، 7 ديسمبر 2020).
وتم تمرير هذه الخطة بأغلبية 161 صوتًا في 16 مارس 2021، في قاعة مجلس شوري الملالي المفتوحة. والجدير بالذكر أنه تم طرح الخطة الشاملة للسكان وتمييز الأسرة في 18 يونيو 2013 بهدف زيادة معدل الإنجاب إلى ما لا يقل عن 2,5 طفل لكل امرأة. (وكالة”تسنيم” الحكومية للأنباء، 17 مارس 2021).
ووصفت فاطمة محمد بيكي، عضو مجلس إدارة اللجنة الصحية والعلاج في مجلس شوري الملالي مشروع الزيادة السكانية ودعم الأسرة بأنها أحد أفضل قوانين جمهورية إيران الإسلامية عبر التاريخ. (وكالة “إيرنا” الرسمية للأنباء، 2 ابريل 2021).
إن مشروع “الزيادة السكانية ودعم الأسرة” هو اسم مستعار لتهميش الفتيات وإبقائهن للعمل في المنزل بدلاً من قيادة الانتفاضات والتأثير فيها، وهو ما سيسفر عن الإطاحة بنظام الملالي.
فضلاً عن ذلك، نجد الظروف المادية والنفسية للمواطنين و إمكانياتهم غير مواتية للمزيد من الإنجاب من حيث المبدأ.
نص مشروع الزيادة السكانية
بغض النظر عن أن نظام حكم الملالي لم يف بأي من وعوده خلال فترة توليه السلطة في الـ 42 عامًا الماضية، فإن الوعود التي قُطعت للشعب في هذه الخطة تشير إلى مدى احتياج هذا النظام الفاشي إلى تهميش المرأة وإبقائها في المنزل في خضم الانتفاضات المتتالية للإطاحة به.
وتنص البنود من 2 إلى 4 من هذه الخطة على تكليف وزارة الطرق والتنمية الحضرية والحكومة بإتاحة الفرصة للاستفادة من الإمكانيات الحكومية لتوفير السكن أو الأراضي للأسر بعد إنجاب الطفل الثالث.
وأعلن فرشيدبور حاجت، أمین جمعیة بناة المساکن الجماعیة، في شهر أكتوبر 2020 عن نقص 5 ملايين وحدة سكنية. (موقع “اقتصاد آنلاين” الحكومي، 6 أكتوبر 2020).
وكشف وزير الطرق والتنمية الحضرية، محمد إسلامي في هذا الصدد، عن حقيقة أكثر إيلاما، معترفًا بأن: “الإحصاءات تشير إلى أن عدد المنازل أكثر من عدد الأسر. وهو ما أسفر عن أن ينطوي توزيعها على مشاكل أساسية. ويفقد المجتمع في غضون ذلك، القدرة يومًا بعد يوم على شراء المساكن أو تأجيرها”. (موقع “شبكه إيران كالا” الحكومي، 27 أبريل 2020).
وتسببت هذه الخطة في حقيقة الأمر في إتاحة الفرصة لدفع ثمن مثل هذه الخطة من جيوب الأسر التي لديها عدد قليل من الأطفال. وينص البند رقم 5 على تكليف وزراتي النفط والطاقة بحصر عدد الأطفال عند تحديد المشتركين ذوي الاستهلاك المنخفض في استهلاك الماء والكهرباء والغاز. بمعنى أنه يجب على الأسرة تربية طفليها الأول والثاني على البؤس، لعلهم يكون لهم منزل بعد إنجاب الطفل الثالث أو يكونوا في مأمن من النهب الحكومي.
وتنطوي هذه الخطة في نهايتها على وعود أخرى، من قبيل دفع أموال بدون مقابل، ومضاعفة الإعانات بمقدار 3 مرات، وتخفيض الرسوم على الأراضي الزراعية، وتخفيض الضرائب، وزيادة الأجور، ودفع أقساط التأمين عن الطفل الثالث فما فوق. كما تم إعطاء وعود بزيادة فترة إجازة الإنجاب، وبالأمن الوظيفي أثناء فترة الإنجاب وما بعدها، والتقاعد المبكر، وتقديم حزم الدعم الغذائي والصحي، ودفع نصف ثمن تكلفة استخدام الإمكانيات البلدية للأمهات، وعلى الرغم من أنها وعود رائعة، بيد أنها لا تتوافق مع أی من سجلات وسیاسات نظام الملالي الناهب.
ويحذر البند 28 هيئة الإذاعة والتلفزيون وجميع الجهات المعنية من بث أي برنامج يتعارض مع برنامج الزيادة السكانية. ويتعين على هذه المؤسسات أن تراعي في جميع برامجها وحتى في الإعلانات التجارية تعزيز دور الأمومة ودعمه وزيادة عدد الأطفال.
وتنص البنود اللاحقة أيضًا على تكليف مختلف الوكالات الحكومية بالدعاية لزيادة عدد الأطفال، ويتعين عليها أن تخصص جزءًا من ميزانيتها للإنفاق على هذا العمل.
وينص البند رقم 37، على تكليف منظمة الدعاية الإسلامية بمراقبة المراكز والمؤسسات النشطة في اختيار الأزواج، ومن بينها مواقع الفضاء الإلكتروني ذات الصلة، من أجل العمل وفقًا للسياسة العامة لنظام الملالي.
وتنص البنود من البند 44 إلى 59 على أن الشرطة ووزارة المخابرات وجميع الأجهزة الأمنية تتحمل المسؤولية في هذا المجال، ويجب عليها على وجه التحديد الحيلولة دون تنفيذ عمليات الإجهاض باستخدام القوة والسيطرة، بما في ذلك في الفضاء الإلكتروني. كما يجب على هذه الأجهزة أن تتيح الفرص للتجسس على بيع أدوية الإجهاض وأي نوع من المشاركة والاستشارة في هذا الأمر.
وفي الختام، ينص البند 70 على أن عدم تنفيذ أحكام القانون أعلاه مرهون بإذن من خامنئي شخصيًا. وينص البند 71 كالعادة على تهديد المخالفين بالحبس ودفع غرامة مالية والحرمان من الحقوق الاجتماعية. (موقع “اختبار” الحكومي، 27 مارس 2021).
مفاد مشروع قانون حماية المرأة من العنف
مرر مجلس وزراء حكومة روحاني مشروع قانون حماية المرأة والمحافظة على كرامتها وأمنها من العنف بعد 8 سنوات من النزاع، وتحديدًا في 3 يناير 2021، وتم إرساله إلى المجلس الـ 11 في 4 يناير 2021 للنظر فيه، بيد أن المجلس تجاهل مشروع القانون المشار إليه، وفي خضم صراع زمر نظام الملالي على السلطة تم استلام خطة بنفس العنوان بدلاً من مشروع القانون، لكن لم يتم النظر فيها بعد، على الرغم من أن هذه الخطة لا تنطوي على أي ضمان لحماية المرأة التي تتعرض للعنف.
والجدير بالذكر أن الشغل الشاغل لهذا المجلس قبل أي شيء آخر هو الحفاظ على السلطة مع الهيمنة الكاملة لخامنئي شخصيًا. والمرأة هي أولى ضحايا هذا النظام المناهض للمرأة، وفضلاً عمَّا تتحمله من كل ضروب القمع يتعين عليها أن تقبل المزيد من التهميش وتلتزم بالعمل في المنزل فقط لكي تفقد تأثيرها في الاحتجاجات والانتفاضات. وهذا التهميش من رابع المستحيلات أن يحدث.