نظام التعليم الفاسد في إيران وتأثيراته على نتائج اختبار تيمز وبيرلز

نظام التعليم الفاسد في إيران وتأثيراته على نتائج اختبار تيمز وبيرلز

نظام التعليم الفاسد في إيران وتأثيراته على نتائج اختبار تيمز وبيرلز

نظام التعليم الفاسد في إيران وتأثيراته على نتائج اختبار تيمز وبيرلز

تُظهر نتائج اختبار “الرابطة الدولية لتقييم التطور الدراسي” أن الطلاب الإيرانيين هم من بين الطلاب “الأضعف” في العالم من حيث القدرات التعليمية. وبناءً على هذا الاختبار، حققت الطالبات متوسط ​​تقدم أعلى من الطلاب في جميع البلدان تقريبًا، إلا أن نسبة تقدم الطالبات في إيران تراجعت مقارنة بعام 2016.

مع العلم أن التلامذة والطلاب الإيرانيين كانوا دائمًا يتمتعون بمستوى عالٍ من التعليم حتى قبل ثورة عام 1979 وانتزاع الملالي الحكم من الشعب، وكانوا مؤهلين بسهولة للحصول على منح دراسية في أفضل الجامعات في العالم.

ما هو اختبار بيرلز وتيمز؟

تظهر نتائج امتحان بيرلز عام 2021، التي نُشرت في منتصف يونيو من العام الحالي؛ أن الطلاب الإيرانيين حصلوا على 413 درجة في القدرة على القراءة، مما يضع إيران في أسفل الجدول بين 57 دولة مشاركة. وحصلت 46 في المائة من الفتيات الإيرانيات على 422 درجة، و 54 في المائة من الفتيان الإيرانيين على 405 درجة.

تقوم “الرابطة الدولية لتقييم التطور الدراسي” بتسجيل الأسماء وإجراء اختبار يسمىبيرلز” مرة واحدة كل 5 سنوات؛ والغرض منه هو تقييم جودة تعليم الطلاب حول العالم. يوجد مركز الدراسة الدولية ” تيمز وبيرلز” في مدرسة لينتش للتعليم الواقعة في كلية بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية. ويتم إجراء هذا التقييم من خلال اختبار حوالي 400,000 طالب و 20,000 معلم و 13,000 مدرسة من 57 دولة حول العالم.

ويصل مركز تيمز وبيرلز، الذي يرصد الاتجاهات المتعلقة بتعليم العلوم والرياضيات للصفين الرابع والثامن في 64 دولة حول العالم؛ إلى تصنيف من خلال مقارنتها بـ 8 نماذج من الأنظمة التعليمية كمعيار.

إن الغرض الرئيسي من هذا الاختبار هو الوقوف على نقاط الضعف في الأنظمة التعليمية في كل بلد. مع العلم أن دروس الرياضيات والعلوم من الدروس الأساسية، حيث يُرصد لها 500 نقطة، وإذا كانت درجة بلد ما أقل من هذا الرقم، يُعتبر النظام التعليمي في هذا البلد أقل من المعيار العالمي. والجدير بالذكر أن إيران شاركت في جميع دورات هذا الاختبار اعتبارًا من عام 1995 حتى الآن، بيد أنها لم تنجح في الحصول على نتائج جيدة.

تُظهر هذه النتائج أن التعليم العام في إيران لم يكن من شأنه الوصول بأولئك الذين أكملوا 4 سنوات من التعليم إلى مستوى مناسب من القدرة على قراءة النصوص وكتابتها وفهمها وتحليلها.

تراجع المعايير التعليمية يلحق الضرر بالفتيات أكثر

إن وضع إيران ليس جيدًا أيضًا من حيث الوصول إلى الحدود الدنيا المحددة، لدرجة أن 59 في المائة فقط من الطلاب الإيرانيين تمكنوا من الحصول على 400 درجة من 1000، وهو الحد الأدني من الدرجات.  ويمر اتجاه متوسط ​​درجات الإيرانيين في اختبار بيرلز بحالة من التدهور اعتبارًا من عام 2011، ويعانى من تدهور كبير للغاية.

والجدير بالذكر أن الفتيات الإيرانيات أكثر تضررًا من الفتيان في ظل هذا التدهور الدراسي، في حين أن متوسط ​​درجات الفتيات في اختبار بيرلز في جميع الدول أفضل من متوسط ​​درجات الفتيان. (موقع “فرداي اقتصاد” الحكومي – 8 يونيو 2023).

يُظهر فحص بيانات تيمز من وجهة نظر عدم المساواة في الفرص التعليمية أن وضع العدالة التعليمية في إيران بات أسوأ خلال الـ 25 سنة الماضية، أي عندما يتعلق الأمر بنتائج الاختبارات. (موقع “دقيقه” الحكومي – 11 اغسطس 2022).

يفيد تقرير مركز أبحاث مجلس شورى نظام الملالي، في العام الدراسي 2021- 2022 أن أكثر من 911,000 طالب في إيرانتخلفوا عن الدراسة. وتجدر الإشارة إلى أن محافظة سيستان وبلوشستان من أسوأ المحافظات وضعاً من حيث مؤشري “التخلف عن الدراسة” و “التسرب من الدراسة”، ويرجع السبب في ذلك إلى التمييز الطبقي  والتمييز بين النوعين الاجتماعيين والقيود والحرمان.

اعترف علي أغا محمدي، نائب وزير الداخلية، في الربع الأول من شهر مارس 2023؛ بأنه تم تحديد 874,000 طفل ومراهق متخلفين عن الدراسة في المناطق الأقل حظًا.

الفجوة الطبقية هي أحد أسباب تخلف الطلاب الإيرانيين

أصبح تراجع الكفاءة والتدهور المستمر لأسباب مختلفة؛ من سمات نظام التعليم في إيران.

يفيد تقرير صحيفة “جوان آنلاين أن السياسات الخاطئة المتبعة في التربية والتعليم أدت إلى تدهور جودة التعليم. ويتجلى هذا التدهور في الجودة الآن في نتائج اختبار بيرلز عام 2021. والجدير بالذكر أن إيران تُعد من أضعف الدول في مجال التعليم من بين 60 دولة حول العالم. (موقع “جوان آنلاين” الحكومي – 7 يونيو 2023).

وفي هذا الصدد، قال حميد رفيعي الباحث في مجال التربية والتعليم: “للأسف نشهد فجوة عميقة في حركتنا التربوية. فجوةٌ تحدث بزيادة المراتب العليا والفوز بالميداليات في المسابقات العلمية الدولية، مما يدل على أن هناك تطور علمي وزيادة في رجال الصفوة في بلادنا باسم المدارس الخاصة. ونشهد من ناحية أخرى تقليصاً للمستوى العام للمتلكات بين المجتمع عامة، حيث تفيد دراسات تيمز وبيرلز وغيرهما إلى الوجود النسبي لهذا التقلص.

إن الفجوة التعليمية الطبقية ناجمة عن السياسات الخاطئة للنظام التعليمي في تشكيل المدارس غير الحكومية، أو بالأحرى يجب أن نقول المدارس غير السيادية التي يجنى من وراءها أي شخص عائدًا أكثر في مجال التعليم بقدر ما لديه من المزيد من المال. وعلى العكس من ذلك، نجد أنه عندما يعاني الشخص من ضعف مالي وليس لديه ما يكفي من المال للدراسة فإنه يتخلف عن الدراسة أو يتسرب منها أو أنه لن يتمتع بأدنى قدر من التعليم في أفضل الأحوال. ومن ناحية أخرى، فإن سياسات توظيف الموارد البشرية ضعيفة للغاية لدرجة أنه يتم استخدام معلمي الخدمة الاجتماعية الذين لم يتلقوا تدريبًا خاصًا أو القوى الخدمية الشرائية؛  في المناطق المحرومة والأقل نمواً، (موقع “جوان آنلاين” الحكومي – 7 يونيو 2023).

وأكد معترفاً بإهمال التعليم في البلاد على أنه من المؤسف أن المسؤولين في بلادنا يولون أدنى درجة من الاهتمام بالتربية والتعليم، حيث يقول بعضهم صراحةً إن الإنفاق على التربية والتعليم يؤدي إلى إهدار الموارد. وقد تسببت مثل هذه النظرة في إلحاق أضرار كثيرة بالتعليم في البلاد. كما أنه في كنف الحكومة الحالية لم يشارك  إبراهيم رئيسي في اجتماعات المجلس الأعلى للتربية والتعليم سوى مرة واحدة فقط، مما يدل على أن هذه القضية ليست من أولويات الهيئة الرئاسية الأهم في البلاد، وللأسف فقدنا الكثير من الفرص”. (موقع “جوان آنلاين” الحكومي – 7 يونيو 2023).

وكان مسعود كبيري، عضو المجلس العلمي لمعهد أبحاث التربية والتعليم قد قال إن ثلث الطلاب في إيران لا يصلون إلى الحد الأدنى من القراءة والكتابة.

وأضاف في الختام: “أن ثلث طلاب الصف الرابع غير قادرين على أداء الأعمال الأربعة الرئيسية وهذه كارثة في حد ذاتها. كما لم تصل إيران على الإطلاق خلال الـ 24 عامًا الماضية إلى معيار المتوسط العالمي (أي 475 درجة من الـ 1000).

السياسات الخاطئة تؤدي إلى انهيار النظام التعليمي في إيران

وفقًا لتصريحات كبيري، فإن حوالي 32 في المائة من طلاب الرياضيات في الصف الرابع حصلوا على أقل من 400 درجة، كما تحتل إيران الـمرتبة الـ 32 من بين 39 دولة، في مادة العلوم بالصف الثامن. وهذا يعني أنهم في وضع ضعيف جدًا “.

قال مدرس علوم اجتماعية في إحدى المدارس في جنوب طهران إنه: “طلب من تلميذ في الصف الأول الإعدادي أن يقرأ من الكتاب، بيد أنه لم يكن يعرف أيضًا كيف يقرأ من الكتاب”.

هذا ويقول سعيد بيوندي، عالم الاجتماع في التربية والعلوم التربوية في جامعة لورين بفرنسا: “عندما نواجه في إيران أن نسبة الأمية بين الطلاب تصل إلى 30 المائة، فهذا يعني أن نظام التعليم لم يفعل شيئًا للطلاب الذين يعانون من ظروف تعليمية غير مواتية”.

ويرى عالم اجتماع العلوم التربوية أن العوامل الأربعة المضللة المتمثلة في عدم فعالية الطرق التعليمية، والمشاكل المادية للطلاب وعائلاتهم، ونقص الإمكانات الخاصة بالأجهزة التعليمية، وأخيراً الفجوة الثقافية بين المدارس والطلاب؛ هي أسباب أمية الطلاب الإيرانيين.

كما تعتقد سارة أمت علي، المعلمة وخبيرة التعليم أن إجراءات الحكومة في قطاع التعليم تسببت في تدهور النظام التعليمي في إيران. وقالت: “شهدنا في السنوات الأخيرة زيادة أيديولوجية المؤسسة التعليمية وإضفاء الطابع الأمني عليها، حيث أن الموارد والميزانية التي يجب إنفاقها على مشاريع إعادة تدريب المعلمين وصقل مهاراتهم تُنفق على ممارسة المزيد من السيطرة على المدارس، وضخ التعاليم الأيديولوجية في العملية التعليمة، في حين أن نقص المعلمين هو أحد التحديات الرئيسية للنظام التعليمي في السنوات الأخيرة، ونشهد توظيف 25,000 طالب في المدارس في شكل خطة مدارس أمين التي تمارس نشاطها في إطار المدارس الحكومية”.

وتعتقد سارة أن الحوكمة استنفذت النظام التعليمي وأنهكته بتطبيق هذه السياسات، والنتائج الضعيفة في الامتحانات ليست بالأمر المستبعد من التوقعات. والجدير بالذكر أن المعلمين الذين يستطيعون أن يروا ويلمسوا حالة جودة التعليم وعدم المساواة التعليمية وأضرارها على مستقبل الطلاب؛ بشكل أفضل من أي سلطة ومؤسسة؛ يعبرون منذ سنوات عديدة في تجمعاتهم العديدة عن المطالب النقابية، وبطبيعة الحال عن المستوى التعليمي ككل، بيد أن الرد عليهم انحصر في الزج بهم في السجون وتعرضهم لهجوم قوات الأمن.  

إذا لم يكن من شأن النظام التعليمي، باعتباره المؤسسة الرئيسية للبلاد ؛ أن يقدم الحد الأدنى من التعليم الجيد لجميع الطلاب الإيرانيين، بغض النظر عن الطبقة والمجموعة والأسرة التي ينتمي إليها الطالب، فإن مستقبل البلاد سوف يُدمّر بسبب هذا الإجراء.

إن الهجوم على المدارس واعتقال الطلاب، خلال الانتفاضة الوطنية عام 2022، وتسميم الآلاف من طالبات المدارس الإيرانيات بالغازات المشبوهة؛ يُعتبر من التطورات الأخيرة التي أثرت سلباً على الوضع التعليمي في إيران وأضرت به إلى حد بعيد.

Exit mobile version