«هلن أرفعي»

«هلن أرفعي»

ولدت «هلن أرفعي» يوم 22 أكتوبر 1958 في عائلة منخفضة الدخل في طهران. ودخلت بالمدرسة العليا للصحة عام 1975 وعملت كمدربة لصحة الأطفال في المنطقتين الثانية والخامسة بالعاصمة طهران.

وكانت «هلن» تعشق الأطفال. وكانت لديها شعور لطيف وإنساني عميق. أخذت مراراً أيدي الأطفال الفقراء وأخذتهم إلى المستوصف و لم تتركهم بوحدهم حتى المراحل الأخيرة من علاجهم. وكانت خدمة الأطفال جزءًا من حياتها المفعمة بالتضحية ولكن القصيرة.

وشاركت «هلن أرفعي» نشطًا في التظاهرات خلال عامي 1978 -1979 ضد ديكتاتورية الشاه ولعبت دورًا فعالًا في مساعدة الجرحى في المظاهرات. وهي كانت مضمدة متطوعة في مسرح التظاهرات وكانت تشتري على نفقتها الخاصة الأدوية و مستلزمات الضماد لعلاج الجرحى وكانت تأخذ معها في المظاهرات.

بعد انتصار الثورة ضد الشاه وبما أن «هلن أرفعي» وهي من أنصارمنظمة مجاهدي خلق، كانت حريصة على العمل في جنوب طهران وبين الفقراء، أقامت علاقتها بـ  «جمعية خزانه» ، التي كانت إحدى الجمعيات  المتعاطفة مع منظمة مجاهدي خلق في جنوب طهران، ومن ذلك الوقت كرست جميع جهدها بين مواطني المنطقة للكشف طبيعة النظام الرجعي الحاكم عن طريق نشاطاتها السياسية.

وتم اعتقال «هلن أرفعي» يوم 27 أبريل 1980 في مظاهرة 150 ألفًا من قبل الأمهات في العاصمة  طهران احتجاجًا على مقتل تلميذتين على أيدي البلطجيين من مناصري الـ «حزب اللهيين» وتعرضت للتعذيب لمدة أسبوع في الكوميته (اللجنة) «عشرت آباد» وتمكنت من تخليص نفسها من أيدي الجلاوزة  بعد مقاومتها الشجاعة.

وكثفت «هلن» نشاطاتها بعد موجة اعتقالات أنصار مجاهدي خلق بعد المظاهرة السلمية في 20 يونيو 1981 ، وإعدام العديد من صديقاتها وصاحباتها. واعتقلت مرة أخرى من قبل قوات الحرس يوم 15 نوفمبر 1981 عندما غادرت مكان عملها.

هذه المرة حيث كان خميني قد أزال القناع من وجهه وبإعدام العشرات والمئات من الشباب كل يوم كان يفكر في الإبادة الجماعية لأنصار منظمة مجاهدي خلق،  كان السجن لـ هلن  مشهدًا رائعًا للمعركة.

في بداية عملية الاعتقال وقبل نقلها إلى السجن، تعرضت لأشد حالات التعذيب وأراد منها أسماء وأماكن أصدقائها، لكنه لم تنبس بكلمة إطلاقًا، وعلى الرغم من ممارسة شتى حالات التعذيب عليها كانت تعطي عناوين وهمية للجلاوزة لمدة ثلاثة أيام. لكي تعطي فرصة لأصدقائها وزملائها الذين كان لديها معلومات عنهم  يستطيعون أن يغادروا الأماكن.

بعد أن رأى الجلادون أن «هلن» تخدعهم ، نقلوها من الكوميته (اللجنة)  المركزية إلى سجن إيفين، المكان الذي قام «لاجوردي» (جلاد خميني سيئ الصيت وسفاح إيفين) بتعذيبها شخصيًا.

في نهاية المطاف، عندما لم يكن محترفو التعذيب قادرين على كسر عزم ومقاومة «هلن» العظيمة، تم إعدامها رميًا بالرصاص يوم 21 ديسمبر 1981 بشقاء غيرقابل للوصف وبعد سحب كل دمها من جسدها.[1]

وأعلن النظام خبر إعدام «هلن» و 19 آخرين من زملائها على شاشة التلفزيون وفي الصفحة الأولى من الطبعة الثانية من صحيفة «اطلاعات»، وبهذا تم إطلاع أسرة  «هلن» وأصدقائها بقلوب مليئة بألم وعيون تفيض بالدموع في صدمة مفاجئة لإعدامها!

وتم دفن جثمان «هلن أرفعي» وزملائها ممن أعدمهم النظام في مقبرة «بهشت زهراء» في طهران دون إخبار عوائلهم. وكتب في سجل المقبرة  وهو سجل كبير وسميك مع مئات الأوراق التي تحتوي على أسماء ممن تم إعدامهم حتى ذلك اليوم:

«هلن أرفعي» قطعة 92 تسلسل 62 رقم 19.

وهكذا أصبحت «هلن» نجمة لامعة في ظلام الوطن ورمزًا لإرادة  النساء المجاهدات البطلات لجلب غد مشرق إلى الناس المحرومين في وطنها  وهي النجمة التي  تضيء دائمًا في وطن  مليئ بالنجوم ، ويضئ الليل المظلم للوطن نحو غد مشرق.

[1]بحسب فتوى خميني يجب سحب دماء السجناء السياسيين قبل إعدامهم من أجل استخدامها  للجرحى في جبهات الحرب.

Exit mobile version