يلدا آقافضلي

يلدا آقافضلي

يلدا آقافضلي

كانت يلدا آقافضلي شابة منتفضة ثائرة ناضلت من أجل الحريات التي سُلِبت من قبل الدكتاتورية الدينية الحاكمة.

سميت يلدا لأنها ولدت في أطول ليلة في عام 2002، وفي الثقافة الإيرانية تسمى ليلة المربعانية الشتوية بـ يلدا (المربعانية الشتوية التي تبدأ من منتصف ليلة 21 / 22 ديسمبر من كل عام لتعلن بداية فترة أشد أربعين يوما من أيام الشتاء)، وترمز هذه الليلة إلى انتصار النور على الظلام، ويُحتفل بها على هذا الأساس.

طفولة يلدا آقافضلي

كانت يلدا آقافضلي مشاركاً نشطاً في المظاهرات التي تأججت في سبتمبر 2022 بعد جريمة القتل الفجيع للشابة جينا (مهسا أميني) في معتقل شرطة الآداب، وللأسف تم اعتقال يلدا في 26 أكتوبر 2022 أي بعد مضي أكثر من شهر بقليل على تأجج الانتفاضة.

أمضت هذه المتظاهرة ذات الـ 19 عاما أربعة أيام في سجن إيفين ثم نُقِلت إلى سجن قرجك المخيف وقضت 11 يوما أخرى في السجن، وفي اتصال لها من سجن قرجك قالت إنه لمن المستحيل تصور حجم الضرب والتنكيل الذي كانت قد تحملته في السجن من أجل حملها على الإعتراف  بالإكراه، “أقول إنني لم أتعرض طوال هذه السنوات الـ 19 لهذا الحجم من الضرب الذي تعرضت له في هذه الـ 12 – 13يوماً.. انظروا لا يخرج صوتي من كثرة ما صرخت واستغثت، لكنني لم أعبر عن ندمي حتى أخر لحظة.”

“كُتِب في ملف قضيتي المجرم لم يعرب عن ندمه، وهذا ما كنت قد قلته.. لن أُعرِب عن ندمي، ولقد تحملت على عاتقي مسؤولية كل الأعمال التي قمت بها حتى اللحظة الأخيرة، وقلت نعم كنت مشاركة في أعمال الشغب.. نعم فعلت.. ولم أبكي، صرخت واستغثت بصوت عالٍ فقط لذلك ذهب صوتي.. أعود وأقول.. انظروا لقد ضربوني كثيرا إلى حد لا يمكنكم حتى التفكير به مجرد تفكير.. والآن لا أستطيع التحدث كثيرا هنا.. آخ دعوني سأكمل عندما أخرج (آخ ظهري آخ) دعوني أخرج وأتحدث معكم وجهاً لوجه، سأخبركم بكل شيء.” الـ (آخ هي منطوق الآهات المعبرة عن الألم)

لكنها في اتصال آخر تعبر فيه عن فرحتها العارمة لعدم الاستسلام وتقول بنشوة واعتزازٍ وفخر: ” لم أُعرِب ابداً حتى أخر لحظة عن أي ندم ..ولقد كُتِب في قضيتي أن المتهم لم يُعرِب عن ندمه.. وقد كنت كذلك.. نعم! لقد كنت كذلك تماماً!”

لقد أُطلِقَ سراحها بسند كفالة في 19 نوفمبر 2022، وقد كان سعيدةً بانتشار خبر اعتقالها وبأنهم كانوا قد نشروا تغريدةً وقصةً لها، وتوجهت بالشكر لجميع الناس على محبتهم.

وبعد يومين فقط أي في 21 نوفمبر 2022 ورد أنها انتحرت.. في بادئ الأمر قالوا إنها ألقت بنفسها من مبنى مرتفع، وبعدها أعلنت وسائل الإعلام الحكومية أنها توفيت بسبب جرعة زائدة من مادة الكريستال القاتلة.

وبعد إطلاق سراحها من السجن قفزت يلدا إلى أحضان عمها معانقة إياه، ولم يسمح نظام الملالي بإبقاء علامة النصر على شاهد قبرها.

يلدا آقافضلي من بين المتظاهرين الذين فقدوا أوراحهم في ظروف مشبوهة بعد إطلاق سراحهم من السجن، وأثارت هذه الوفيات مخاوف وتساؤلات حول المعاملة التي واجهها هؤلاء الأشخاص أثناء احتجازهم.

وهناك شائعات واسعة بأن مسؤولي السجن يقومون بإعطاء حقن قاتلة للسجناء المقاومين قبل إطلاق سراحهم الأمر الذي يؤدي إلى وفاتهم خارج أسوار السجن، ويتيح لهم هذا الأسلوب بالتهرب من المسؤولية عن مقتل المتظاهر وفي الوقت ذاته بث الخوف في نفوس الرأي العام وردع الآخرين عن المشاركة في التظاهرات ضد الحكومة.

ويسلط ملف صوتي آخر لـ يلدا الضوء على ظروف اعتقالها واعتقال العديد من المحتجين وبشكلٍ خاص الشابات من قبل عناصر أمن النظام المتوحشين.

“فجأة إنهم يتبعونني.. إنهم لم يظهروا لي على الإطلاق.. لأنهم لن يتمكنوا من الإمساك بي، أنا ذاهبة وحدي إذن.. وبعدها كانت الثورة هناك أمام تلك الجامعة وكانت الأجواء ليلاً.. صاح سائق دراجة قائلاً ها هي أمسكوها يافتيان.. بعد أن تركوا جميع من أمسكوا بهم، وألقى 40 شخصاً بأنفسهم  عليّ، ثم جاء أحدهم بدراجة نارية أمام قدمي وكان على وشك دهسي وقام برش رذاذ الفلفل على عيني، عندما جئت لأضع يدي على عيني كُبلِت يداي خلف ظهري برباطين من هذه القيود المحكمة لدرجة أنني لم أشعر بأوردتي، بعدها أمسك بي عشرة أشخاص وثبتوني على الجدار وطرحوني أرضاً ثم أخذ أحدهم الكاميرا ووجه المصباح أنحو وجهي ويقول قولي ما اسمك! ثم اقتادوني على هذا الحال معصوبة العينين وسط الشارع ووضعوني في الشاحنة.”

يلدا آقافضلي هي واحدة من الشهداء المحبوبين في انتفاضة إيران الوطنية 2022، وقد قام عملاء النظام مراراً وتكراراً بتدمير الصورة الموجودة على شاهد قبرها.

وفي سياق الضغط على عوائل شهداء انتفاضة 2022 تم اعتقال والدة يلدا السيدة فهيمة مرادي في 17 سبتمبر 2023 في الذكرى السنوية للانتفاضة، كذلك قام النظام باستدعاء والد وعم يلدا وأجبرهما على إلغاء إحياء الذكرى السنوية الأولى لرحيلها.

كُتِب على شاهد قبرها: “ابنة إيران، خلقها الخالق سعيدة، خلقها حرة أبية، طارت إلى الآمال، ولم تؤمن بسلاسل القيود.”

ألبوم صور مدمج لـ “يلدا آقافضلي” والذي يصور اللحظات المُبهِجة لهذه الشابة التي وقفت بشجاعة في مواجهة الظلم..

Exit mobile version