آزاده عالمي تتحدث عن ذكريات مرحلة الطفولة في السجن

آزاده عالمي تتحدث عن ذكريات مرحلة الطفولة في السجن

آزاده عالمي تتحدث عن ذكريات مرحلة الطفولة في السجن

قضت آزاده عالمي مرحلة الطفولة في السجن. حيث كانت برفقة والدتها السجينة السياسية. وتحدثت في مؤتمر عُقد في 17 يناير 2022، أمام شخصيات دولية، من أمثال رئيس الوزراء البلجيكي السابق، غاي فيرهوفشتات، ورئيس الوزراء السويدي السابق، فريدريك رينفلت، والرئيس السابق لمجلس العموم البريطاني، جون بيركو، ووزير الخارجية الإيطالي السابق، فرانكو فراتيني. وأُقيم هذا المؤتمر في بلدة “أوفير سور واز” تحت رعاية المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وألقت رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي، الخطاب الرئيسي في هذا المؤتمر.

وفيما يلي نص حديث آزاده عالمي عن مرحلة طفولتها في السجن:

قالت أشرف رجوي قبل 40 عامًا: لا علم للعالم بما حدث لأبناء وطننا.

أود أن تسمحوا لي بفتح نافذة من عالمي الصغير للتحدث عمَّا قالته أشرف الشهداء، وآخذكم معي إلى عالم الحبس الانفرادي في سجن إيفين المروِّع، وإلى الممرات المظلمة لتلك الزنازين الدموية.

ولم أكن أجهل السجن. حيث عرفت القضبان الحديدية وأنا في ربيعي الثالث من العمر. إنه لشعور غريب عندما تكون الحرية على الجانب الآخر من القضبان. كنت مع جدتي، ولم تكن لديها أي خيار. وأثناء الاعتقال طلبت من الحراس أن يعتقلوها هي الأخرى. وكانوا قد أعدموا أبنائها من مجاهدي خلق منذ عهد قريب. حيث أعدموا ابنها البالغ من العمر 21 عامًا بمعية زوجته، وبعد 7 أيام أعدموا ابنها البالغ من العمر 25 عامًا بمعية زوجته الحامل في 5 أشهر. وهاجر جدي ووالدي وكانا متشرين. وكانت والدتي أيضًا في السجن.

بيد أنني كنت هذه المرة طفلة أبلغ من العمر 6 سنوات، وقد اعتُقلت قبل عدة ساعات بمعية والدتي، وأسير الآن برفقتها في الممر المروِّع. ويجلس على الأرض من الجهة اليمنى من الممر أُناس واضعون رؤوسهم على ركبهم، وجميعهم معصوبي الأعين.

وكانت والدتي أيضًا معصوبة الأعين، وأمسكت بيدها بإحكام لإرشادها أثناء السير. وبخطوات بطيئة وثقيلة لم أرفع عيني عن اثنين من رجال الأمن المتنكرين في ملابس مدنية كانا يسيران أمامنا.

ودخلنا غرفة ضيقة وطويلة، وفصل أحد الضابط يدي عن والدتي وأخذني إلى نهاية الغرفة، حيث كان يجلس شخص على الطاولة. بيد أنني كنت لا زلت لا أرفع عيني عن والدتي. ووجَّه لي السؤال التالي: هل تحبين خميني؟ وهل والدك يحب خميني؟ وهل والدتك تحب خميني؟ إذًا لماذا جاءوا بكم إلى هنا؟ أجبت وأنا أحبس أنفاسي، وكل انتباهي مركَّز على والدتي. وكانت والدتي واقفة بجوار طاولة في بداية نفس الغرفة. وفجأة قام المحقق الذي كان واقفًا بجوارها بضربها على رأسها عدة مرات برأس القلم الحبر ويصرخ قائلًا: إن حبر التوقيع على الحكم بإطلاق سراحك لم يجف بعد، فلماذا عدت مرة أخرى؟ عندها كاد قلبي يتوقف عن العمل. بيد أن والدتي كانت هادئة. وبعد 4 سنوات من السجن، تم إطلاق سراحها قبل شهر، وهي الآن تقف مرة أمام المحقق للاستجواب.

آزاده عالمي تتحدث مرة أخرى عن ذكريات مرحلة الطفولة في السجن

نحن هذه المرة في ممر آخر وما زلت أمسك بيد والدتي بإحكام. وكنت أنظر إلى عصابة عينيها أحيانًا وإلى الطريق أمامنا أحيانًا أخرى.

 وفتح الحارس الذي كان يسير أمامنا باب غرفة صغيرة جدًا ذات جدران أسمنتية. وكنت ووالدتي وحيدتان. ويتخلل الغرفة ضوء قليل من نافذة صغيرة عُلوية. وكانت هناك بطانيتان رفيعتان مطويتان على الأرض في إحدى زوايا الغرفة. وفرشت والدتي إحدى البطانيتين. ورفعت العصابة عن عينيها. واحتضنا بعضنا خلف الجدار. ولم يعد هناك أحد معنا. فنحن وحيدتان.

ولم أنفصل عنها لحظة واحدة. وكنت أخشي من كل شيء عندما أكون خارج حضنها. كنت أخشي من كل أراه ومما لا أراه.

 وكانت عيناي تغلقان ببطء. فالمكان حولنا مظلم برمته، ولم يعد يتخلل الضوء من النافذة. ولم يعد هناك أحد ينتزعني من حضن والدتي. وطلب شخص أن يصطحبها معه، حيث قال لها: “يجب أن تأتي فقد حان موعد الاستجواب”، وأنا أختبئ شاعرة بالرعب والوحدة بداخلي.

ومرت الأيام وتتكرر ليالي الأحضان الدافئة وتلك البطانيات النتنة، وانتظار الانفصال مرة أخرى في ظلمة الليل والغرق في الوحدة.

تقول والدتي إنها أمضت معي أسبوعين فقط في تلك الليالي المظلمة. بيد أن تلك الأيام الدموية وتلك الممرات وتلك العيون المعصوبة وتلك الرؤوس الملقاة على الركبتين وتلك الليالي، وانتزاعنا من أحضان أمهاتنا لا زالت محفورة في ذاكرتي وفي ذاكرة الأطفال الآخرين.

في تلك الأيام، كانت عيناي هي العيون الوحيدة التي لم تكن معصوبة. لقد مر 40 عامًا، بيد أن العالم لا يزال لا يعلم كما ينبغي ما حدث لأبناء وطننا. يتعين عليَّ وعلينا الإبلاغ عن المعاناة التي يقاسي منها أبناء وطننا.

 يتعين علينا أن نكون مراسلين للشهيدة أشرف وجميع الشهداء الذين تم إعدامهم شنقًا. وأن نكون مراسلين للمقاومة العملاقة للشعب المقيّد بالسلاسل الذي لم يحني رأسه في ممر الموت ويستقبل حبال المشنقة بصدر رحب ويقبلها، ولم يسمح للعدو بسحب كرسي المشنقة من تحت قدميه. المراسل نويد آزادي.

ذكريات آزاده عالمي عن مرحلة الطفولة في السجن.

Exit mobile version