مريم آغر : المقاومة والابتسامة يمنحان الأمل في مراحل الألم الصعبة

مريم آغر : المقاومة والابتسامة يمنحان الأمل في مراحل الألم الصعبة

يصف المقربون من مريم آغر عن كثب بأنها متوجة بالصراحة والبساطة والشجاعة والرحمة، وبطبيعة الحال بالمروءة والحيوية.

فهي امرأة مخلصة كرست نضالها في رعاية رفاقها في مجال المركز الطبي لمجاهدي خلق لسنوات عديدة محلاة بالرحمة والصبر والإخلاص المنقطع النظير، وشغلها الشاغل هو أداء مهمتها الهامة على أكمل وجه، ألا وهي رعاية المرضى بجدية لا مثيل لها وعاطفة عالية وإنسانية رائعة.

ولدت مريم آغر عام 1959 في مدينة مسجد سليمان بمحافظة خوزستان الواقعة جنوب إيران، ولديها ثلاث شقيقات وشقيقان.

وتعرفت مريم آغر على مجاهدي خلق في عام 1979 عن طريق أحد أشقائها. وكان النشاط السياسي آنذاك أمرًا شائعًا بين شريحة الشباب في المجتمع الإيراني. ومن ثم سرعان ما انشغل بالها بمجاهدي خلق وبدأت ممارسة نشاطها معهم.

وفي أعقاب إقبال نظام خميني على تصعيد القمع والتعذيب والقتل، قررت مريم مغادرة البلاد، نظرًا لأنها كانت معرضة للتعرف عليها واعتقالها. وغادرت إيران في شهر مايو عام 1982 متوجهة إلى كندا. 

ووجدت كندا عالمًا آخر وأرضًا أخرى ومصيرًا آخر.

أرضٌ تستطيع فيها أن تبني لنفسها الحياة الأفضل والأسهل و الأكثر ازدهارًا، بيد أن مريم لم تكن بالشخص الذي يُفتن بالسلام والهدوء. 

ومن هذا المنطلق، بدأت بعد فترة قصيرة من وصولها إلى كندا في ممارسة نشاطها في جمعية أنصار مجاهدي خلق.

وعُرفت خلال هذه الفترة بأنها واحدة من أنشط أنصار مجاهدي خلق.

امرأة قطعت شوارع ومدن كندا ذهابًا وأيابًا ثم أمريكا لتنقل صوت الحرية للمقاومة الجارية في إيران، ولم تألو جهدًا في نقل رسالة السجناء المعذبين والشهداء الذين تعرفهم أو من هم مدرجين في المجلد الضخم الخاص بالمقاومة الإيرانية الذي يحتوي على أسمائهم وسيرتهم الذاتية.

وكان عام 1993 بالنسبة لمريم هو عام اختيار النضال الاحترافي الحقيقي الصادق والانضمام إلى صفوف المقاومة الإيرانية في أشرف، وهو معقل الصمود ورمز المقاومة الإيرانية.

والجدير بالذكر أن المقاومة الحقيقية الصادقة الاحترافية كانت المجال الذي سبقت فيه مريم الجميع متمعة بصلاحيات كبيرة حاملة قلب مفعم بآمال لا حدود لها.

وبعد فترة، انهمكت في العمل في قطاع المركز الطبي في أشرف.

مريم آغر مع رفيقتها في النضال، مريم نوجوان

واستشهادًا بتصريحات المريضات، كانت مريم آغر أكثر المقربين لهن تعاطفًا وإلهامًا وحميمية.

وفي هذا الصدد، تقول مريم آغر شخصيًا: كانت أجمل وأفضل لحظات الحياة بالنسبة لي كممرضة عندما أرى مريضاتي، وهن أخواتي رفيقات النضال يتعافين ويستردَّن صحتهن بعد تجاوز ظروف مرضية صعبة. 

لكنني مررت أيضًا بالعديد من اللحظات الصعبة في أداء هذه المهمة الصعبة التي أخذتها على عاتقي.

ومن بين هذه اللحظات الصعبة، المشاركة في العمليات الجراحية التي أجريت لأخواتي المناضلات، ولاسيما أثناء مرحلة الصمود في أشرف على مدى 14 عامًا ضد الهجمات البربرية التي شنها مرتزقة خامنئي في العراق. 

فعلى سبيل المثال، كانت إحدى أصعب اللحظات وأكثرها صدمة بالنسبة لي في 8 أبريل 2011، عندما رأيت عددًا كبيرًا من أخواتي المصابات اللاتي أصبن إصابات بالغة الخطورة أو تم قطع بعض أطرافهن جراء إطلاق الرصاص عليهن ورميهن بالقنابل اليدوية. وكانت من بينهن أختي إلهام؛ تعرفت عليها في كندا منذ أن كنا صغارًا جدًا. ومنذ تلك المرحلة التي سبقت مجيئي إلى أشرف كنا نعمل سويًا وكنت أحبها مثل أختي.

كما أتذكر أخواتي الأخريات. آسية وفاطمة ونسترن وفايزة، اللائي استشهدن جراء إطلاق النار المباشر عليهن، وكنَّ يتألمن ويقاومن مثلصبا، بوجوه بريئة وجروح عميقة، وهلم جرا.

والحقيقة هي أن الممرضة لا تظهر أبدًا ما بداخلها من ألم على ملامحها أثناء أداء واجبها ؛ خاصة إذا كان الإنسان في ساحة معركة شديدة الوطيس وظروف مثل الحصار اللاإنساني في معسكرأشرف في العراق، حيث لا تتوفر حتى الأدوية أو المسكنات لتخفيف آلام المرضى.

ففي مثل هذه المشاهد، لا يجب على المرء سوى أن يبث روح النضال فيمن حوله بتجنب ظهور الآلام والمتاعب على ملامحه.

وفي ذلك اليوم والأيام التي أعقبته، احترفت هذه العادة اعتمادًا على كوادر عيادة أشرف الآخرين. وكان هذا سر انتصارنا رغم أننا كنا عزل حتى في العيادة في مواجهة عدو مدجج بالسلاح. 

وبما أننا تطرقنا إلى هذا الموضوع، اسمحوا لي الآن أن أرسل تحياتي وسلامي إلى أحبائي زميلاتي الرحيمات في إيران، الممرضات الكادحات اللائي أعلم أنهن يكرسن وقتهن هذه الأيام في علاج مرضى وباء كورونا مضحين بحياتهن قائمات على إنقاذ حياة المرضى انطلاقًا من حميتهن الوطنية وإنسانيتهن دون أي دعم مالي أو لوجستي.

دعوني أقول إنه يجب عليهن أن يعتبرونني وأخواتي وإخواني الآخرين في أشرف أو في معاقل الانتفاضة في كل ركن من أركان الوطن رفقاء لهن ومتعاطفين معهن، ويجب عليهن أن يتأكدن كما لقبن بجدارة بـ “ملائكة أرض أيران الطبيبة” في مكافحة فيروس كورونا وظلال الموت التي خيَّم بها نظام الملالي الحاكم على رؤوس أبناء وطننا؛ أن هذا هو الأمر الذي لن ينساه الإيرانيون والتاريخ الإيراني لهن أبد الدهر.

Exit mobile version