تقود حركة المعارضة الرئيسية لتغيير النظام في إيران امرأة ، مريم رجوي. لقد قادت حملات عديدة للإطاحة بنظام الإرهاب الحاكم باسم الدين في إيران.
الولادة وظروف الأسرة
وُلدت مريم رجوي يوم 4 ديسمبر 1953 في طهران في أسرة من الطبقة المتوسطة. وهي الرابعة ضمن أبناء العائلة لها ثلاث شقيقات وشقيقان.
واستشهدت شقيقتها الكبرى، «نرجس»، على يد مأموري سافاك الشاه (جهاز الأمن للشاه) في عام 1976، وشقيقتها الصغرى، معصومة، أثناء الحمل، اعتقلت على أيدي قوات الحرس في عام 1982، وتعرضت للتعذيب الوحشي لعدة أشهر، ثم تم إعدامها شنقًا.
الدراسة واختيار النضال
كانت مريم رجوي في العاشرة من عمرها عندما شاهدت من نافذة البيت القمع الوحشي الذي مارسه حرس الشاه على الجماهير المحتجة في الشارع يوم 5 يونيو 1963. وصار هذا المشهد يشكل الدافع الرئيسي لها للاهتمام بالقضايا السياسية والنضالية.
وبعد أن أصبحت مريم رجوي على دراية بألم ومعاناة شعبها أيام المراهقة، كانت مدفوعة بقوة لدخول عالم النضال.
وتعرفت على منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (PMOI / MEK) في عام 1970 من خلال شقيقها الأكبر «محمود» أثناء دراستها في الصف العاشر بثانوية ”هدف“ في طهران.
وبالنسبة لتعليمها العالي، التحقت مريم رجوي بجامعة شريف للتكنولوجيا في طهران، وتخرجت في فرع الهندسة المعدنية.
وفي الدراسة بالجامعة، زادت من أنشطتها السياسية ضد ديكتاتورية الشاه فشكلت مجموعة مع طلاب آخرين.
ثم أصبحت عضوًا في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في عام 1977.
الأنشطة السياسية
خلال الثورة المناهضة لنظام الشاه في إيران عام 1979 ، نظمت مريم رجوي مجموعة واسعة من الطلاب من خلال نشاطها كعضو في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
قادت منظمة طلابية لدعم منظمة مجاهدي خلق من عام 1973 إلى عام 1979. وخلال انتفاضة 1979، إلى جانب العديد من أعضاء المنظمة، أسست مريم رجوي أول منظمة طلابية تابعة للمنظمة تسمى «جمعية الطلاب المسلمين بجامعة شريف للتكنولوجيا».
بعد انتصار الثورة يوم 11 فبراير 1979 التي أطاحت بالشاه، واصلت مريم رجوي أنشطتها السياسية في القسم الاجتماعي للمنظمة وكانت معروفة لدى الطلاب في طهران.
رشحتها المنظمة لأول انتخابات برلمانية بعد انتصارالثورة في عام 1979. وعلى الرغم من أعمال التزويرالواسعة لمنع انتخاب أي مرشح لمنظمة مجاهدي خلق، إلا أن أكثر من ربع مليون صوتوا لها في طهران.
تحطيم السقف الزجاجي.. مشاركة المرأة على نطاق واسع في القيادة السياسية وصنع القرار
في فبراير 1985، أصبحت مريم رجوي مرادفة للأمين العام للمنظمة. في عام 1989 ، تم تعيينها أمينة عامة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية ، وفي عام 1993، انتخبها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية رئيسة للجمهورية لفترة انتقالية لنقل السلطة إلى الشعب الإيراني.
وكان حضور مريم رجوي في قيادة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية شهادة على كفاءة ومشاركة النساء الإيرانيات لاسيما المجاهدات على نطاق واسع، في النضال ضد نظام الملالي. وكان ذلك تتويجا لتضحياتهن وصمودهن البطولي في سجون النظام وتحملهن التعذيب القرووسطي.
تحت قيادة مريم رجوي في هذا الدرب، شاركت النساء في المناصب القيادية وصنع القرار في أكبر منظمة إيرانية معارضة، وهو تحوّل ملحوظ في حركة تخوض أشد أنواع القتال ضراوة ضد التطرف. هذا هو بالضبط ما جعل تحقيق مساواة حقيقية بين الجنسين أمرًا ممكنًا.
كما أن أكثر من 50٪ من أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) ، برلمان المقاومة في المنفى، من النساء اللائي يتحملن مسؤوليات مختلفة في المجالات السياسية والعلاقات الدولية والاجتماعية والثقافية.
حملات على الصعيد الدولي
بصفتها الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة، قادت مريم رجوي العديد من الحملات للنهوض بالحركة، حيث عرّفت العالم على ظاهرة التطرف الديني كخطر رئيسي يهدد السلام والأمن العالميين و قدمت «الخيار الثالث» كحل للأزمة في إيران، وبادرت بإنشاء جبهة عالمية ضد التطرف تضامنا مع الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية، وخاضت حملة على الصعيد الدولي لإزالة التسمية الإرهابية الظالمة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية والحملة الدولية لإنقاذ مناضلي الحرية في مخيمي «أشرف» و«ليبرتي» في العراق، كما بدأت حركة الدعوة لتحقيق العدالة بشأن ضحايا مجزرة عام 1988.
رؤى مريم رجوي
ألقت مريم رجوي خطابات عديدة عن التطرف باعتباره تهديدًا عالميًا كبيرًا وتهديدًا على وجه الخصوص لإنجازات حركة المساواة بين الجنسين.
وتشمل تأليفاتها «الإسلام والمرأة والمساواة»، و«النساء قوة التغيير» و«النساء ضد الأصولية» ، و«لا للحجاب القسري، لا للدين الإجباري، لا للحكومة الإلزامية».
تتحدث مريم رجوي في كتابها «المرأة ، قوة التغيير» عن مشاركة المرأة في الأدوار القيادية: «فكرة القيادة التي نشير إليها هي نتاج ازدهار وجه إنساني ويركز على العلاقات الإنسانية. وهذا يمثل تمردًا كبيرًا ضد هيمنة الذكور والثقافة المتخلفة. لذلك، عندما تولت النساء مناصب قيادية في حركتنا للمقاومة، فهذا لم يكن البحث مجرد عن تحول في أسلوب الإدارة. بل الهدف كان القضاء على الآلية القائمة على التمييز بين الجنسين. ولم يكن الأمر كما لو أن الرجال يتركون وظائفهم حتى تتمكن النساء من حل محلهم والحفاظ على نفس النوع من العلاقات واستخدام نفس الأساليب. ولم يكن الأمر كما لو أن النساء سرن على خطى أسلافهن الذكور أو انضموا إلى ناد يهيمن عليه الذكور؛ لا على الاطلاق. كان الهدف هو استبدال العلاقات القديمة القائمة على أيديولوجية يهيمن عليها الذكور بعلاقات إنسانية».
أيضًا، تحدثت مريم رجوي في كلمتها التي ألقاها في اليوم العالمي للمرأة في عام 2017 عن تجربة المقاومة الإيرانية في مواجهة القيادة النسائية: «إن حضور النساء في حلقات قيادية مختلفة وادارة طبعا في حد ذاته خطوة الى الأمام ولكن اذا لا يتواكب مع ثورة أساسية في الثقافة وفي العلاقات والروابط بين المرأة والرجل وطالما لا يقيم المساواة والتضامن، فهذا الانجاز لا يُكتَب لَه النجاح المستمر وهو قابل للعودة.
إن الرسالة الجديدة لمقاومتنا تكمن بالمناسبة هنا:
قيادة النساء تتكلل بالنجاح كمؤسسة ثابتة مستدامة بالضرورة عندما يواكبها تحمل المسؤولية مِن قِبل الرجال المؤمنين والمعتقدين بهذه المساواة. بدون وجود رجال يؤمنون بقضية المساواة والنهوض لتحقيقها، فان قيادة النساء لن ترى النور على أرض الواقع. ..
وتضيف مريم رجوي في كلامها: اذن، اولئك الذين يقولون إن القرن الحادي والعشرين هو قرن النساء، فهم على حق. ولكن يجب التنويه بمفهومه وهو أن قيادة النساء تعني قيادة علاقات إنسانية نحو مساواة حقيقية بين المرأة والرجل وظهور طابور طويل من الرجال المؤمنين بالمساواة. فيما تلك العلاقات والروابط القائمة على عدم التساوي بين المرأة والرجل ونظام يهّمش النساء ونظام يزيل فرصة مشاركة القسم الأعظم من الناس في شؤون بلادهم، فنتيجتها هي الانفراد بالسلطة والاستبداد والتفرد واتخاذ قرارات سرية وتبديد مصادر البلاد والفساد والقمع.
إن حل هذه الأزمة التي باتت شاملة في العالم الحإلى يكمن في قيادة النساء. أينما تغيب فيه الديمقراطية فلا يمكن الوصول إليها بدون مشاركة النساء في القيادة بشكل متساوی.
